ا
<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 17:53:12 Aug 09, 2016, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide
الأمم المتحدةمرحباً بكم في الأمم المتحدة. إنها عالمكم

سلسلة ورقات المناقشة

الورقة الحادية عشرة

 

الوقاية الدولية من الإبادة الجماعية: التعلم من الهولوكوست

من إعداد
إدوارد مورتايمر، النائب الأعلى للرئيس والمسؤول الأول بالبرنامج،
وكاجا شونيك غلان، مديرة جلسة الوقاية الدولية من الإبادة الجماعية: التعلم من الهولوكوست، بمؤسسة (Salzburg Global Seminar)


في الفترة من 28 حزيران/ يونيو 2010 وحتى 3 تموز/ يوليو، 2010، ألتقت مجموعة من الخبراء الدوليين في مجالات دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية، والتوعية بالهولوكوست والإبادة الجماعية، وحماية حقوق الإنسان، والوقاية من الإبادة الجماعية، في مؤسسة (Salzburg Global Seminar) ضمن المؤتمر الذي عقد تحت عنوان "الوقاية الدولية من الإبادة الجماعية: التعلم من الهولوكوست". تم إعداد هذا المؤتمر بالتعاون مع المتحف التذكاري للهولوكوست بالولايات المتحدة، وترئسه الدكتور/ كلوس مولير، الممثل الأوروبي للمتحف.

وكان الهدف المحدد لهذا المؤتمر يتمثل في استكشاف الروابط وكذلك الاختلافات بين مجالات التوعية بالهولوكوست، والوقاية من الإبادة الجماعية، وحقوق الإنسان. ووضع المشاركون بعين الاعتبار ما إذا كانت التوعية بالهولوكوست يمكنها زيادة الوعي بحالات الإبادة الجماعية المعاصرة، وتقوية ثقافة الوقاية من الإبادة الجماعية، والمساهمة في التوعية الخاصة بحقوق الإنسان، وكيفية تحقيق ذلك. لقد تناقشوا في ما إذا كان تحسين فهمنا لحالات الإبادة الجماعية الماضية وحقوق الإنسان المعاصرة يمكن أن تنتهك عن طريق الربط بينهما، أو ما إذا كان قيامنا بذلك يعرض اعترافنا بالتباين الضخم بينهما للخطر. وشكلت العلاقة المعقدة بين التوعية بالهولوكوست والتعلم منها أحد الموضوعات التي تناولها الحاضرون وواصلوا مناقشتها لمرات عدة. لقد ناقش المشاركون المساهمات التي تقدمها التوعية بالهولوكوست، أو التي يمكن أن تقدمها، لرفع الوعي بحالات التفرقة العنصرية، أو معاداة السامية، أو الرهبة من المثلية الجنسية أو الأوضاع التي تعاني منها شعوب السينتي وغجر الروم اليوم. لقد حاولوا فهم ما إذا كانت التوعية بالهولوكوست يمكنها المساهمة في فهم عمليات الإبادة الجماعية المستقبلية والوقاية منها، وكيفية تحقيق ذلك، إن صحت العلاقة بين الموضوعين.

هناك ميل للاعتقاد بين صناع القرار وأدبيات الباحثين، بأنه يمكن للتوعية بالهولوكوست أن تكون أداة فعالة لتعليم الطلاب أهمية حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، والوقاية من التفرقة العنصرية ومعاداة السامية، والترويج للاحترام المتبادل بين الناس من مختلف الأعراق والأديان والثقافات. لقد ناقش الباحثون على سبيل المثال، "دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية وحقوق الإنسان هي دراسات متلازمة" ، وأن "التوعية بالهولوكوست يمكنها أن تقدم مساهمة هامة للغاية للمواطنة، عن طريق زيادة وعي التلاميذ بقضايا حقوق الإنسان والإبادة الجماعية، ومفاهيم الصور النمطية وإلقاء المسؤولية على الآخرين ". لقد أقترح تقرير صادر في عام 2004، عن معهد ستانفورد للأبحاث (Stanford Research Institute) "إن التوعية بالهولوكوست لا تمثل مشروعاً أكاديمياً فحسب، ولكنها تشكل أفضل أمل لتحصين الجنس البشري ضد الأمثلة المستقبلية للإبادة الجماعية". لقد قدم الباحثون الأكاديميون طروحات مشابهة، مؤكدين مثلاً على أن التوعية بالهولوكوست يمكنها أن تزرع " بذور القلق....التي تطرح أفكاراً يمكنها أن تثمر اعتبارات مستمرة عن المكان الخاص للفرد في العالم، ومعنى أن تكون مواطناً في دولة ديمقراطية ".

بناء على هذه النظرية، يمكن للتوعية بالهولوكوست أن تلعب دور هام في الوقاية من العنصرية ومعاداة السامية والصراع الإثني والترويج لحقوق الإنسان، لقد أقرت العديد من الدول حول العالم برامج إلزامية للتوعية بالهولوكوست في مستوى المدارس الثانوية. ولكن الدراسات والاستبيانات الحديثة أظهرت أن معظم برامج التوعية بالهولوكوست في كل من المدارس والمتاحف لا تربط صراحة بين تاريخ الهولوكوست وتاريخ عمليات الإبادة الجماعية الأخرى أو بالقضايا الأوسع لحقوق الإنسان . وفي ذات الوقت، هناك القليل من الأدلة التجريبية التي تثبت أن التوعية بالهولوكوست، في حد ذاتها، يمكنها بالضرورة أن تزيد وعي التلاميذ بالأخطار المعاصرة المستمرة للعنصرية، والخوف من الأجانب، ومعاداة السامية، والإبادة الجماعية. لقد سعى مؤتمر ساليزبورغ لعام 2010 إلى تعاطي المشاركين من مختلف مجالات التوعية بالهولوكوست، والوقاية من الإبادة الجماعية، وحماية حقوق الإنسان، مع هذه القضايا، وكان موجهاً بسلسلة من الأسئلة الشاملة التي تتعلق بالغرض من التوعية بالهولوكوست. هل الغرض منها هو تزويد الطلاب بالمعرفة المتعلقة بالهولوكوست؟ أم أن الغرض هو جعلهم "يفكرون بطريقة أعمق في المسؤولية المدنية، وحقوق الإنسان، وخطر العنصرية "؟ أم أنه يمكن أن نحقق كلا الغرضين معاً؟

الهولوكوست، وحالات الإبادة الجماعية الأخرى، والتوعية بحقوق الإنسان

لقد شكلت مسألة الانسجام بين التوعية بالهولوكوست وحقوق الإنسان واحدة من القضايا الرئيسية التي تمت مناقشتها خلال أسبوع ساليزبورغ. ولغرض هذا المقال، فإننا نعتمد على تعريف منظمة اليونيسكو للتعليم المتعلق بحقوق الإنسان على أنه "التعليم، والتدريب، والمعلومات التي تهدف إلى بناء ثقافة عالمية لحقوق الإنسان ...إن التعليم المتعلق بحقوق الإنسان يشجع السلوكيات والمواقف المطلوبة لدعم حقوق الإنسان لجميع أعضاء المجتمع ". لقد زعم بعض المشاركين أنه من المهم الربط بين هذين الموضوعين، وأيدوا تطبيق مدخلاً تعليمياً يضع التوعية بالهولوكوست ضمن مناقشة وسياق أوسع لحقوق الإنسان. قالوا إنه يتعين تشجيع المعلمين على الربط بين الهولوكوست وإتفاقية منع الإبادة الجماعية والميثاق العالمي لحقوق الإنسان. بينما لم يتفق البعض الآخر مع هذا الرأي، واقترحوا أنه لا يتعين الخلط بين التوعية بالهولوكوست والتوعية بحقوق الإنسان، وأنهما يشكلان مجالين منفصلين بأهداف ومناهج ونقاط تركيز مختلفة. لقد تم تسليط الضوء على هذا الخلاف بواسطة عرض تقديمي مشترك يركز على التعليم في المتاحف. لقد اقترح أحد المتحدثين أن المتاحف والنصب التذكارية للهولوكوست يمكنها، ويتعين عليها، الربط بين الهولوكوست وحقوق الإنسان، وبالتحديد استخدام الهولوكوست كمثال للانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان. وبناء على رأي هذا المتحدث، فإن المعرفة بالهولوكوست والانتهاكات التاريخية لحقوق الإنسان، يمكنها أن تؤدي إلى مناقشة مثمرة حول الانتهاكات المعاصرة لحقوق الإنسان. بينما أشار أحد المتحدثين الآخرين إلى أنه ثم هناك فرقاً هاماً بين فهم التاريخ واستخلاص العبر منه.

بينما اختلف المشاركون حول ما إذا كان من المناسب وضع التوعية بالهولوكوست ضمن إطار التعليم المتعلق بحقوق الإنسان، وبوجه عام، لاحظ معظم المشاركون في المؤتمر قيمة وأهمية توعية الطلاب، ليس فقط بالهولوكوست، ولكن أيضاً بالحالات الأخرى للإبادة الجماعية. لقد زعم العديد من المشاركين بأن مقارنة الهولوكوست، التي تعتبر في أغلب الأحيان الحالة النموذجية للإبادة الجماعية، بغيرها من حالات الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، من شأنه أن يحسن تفهمنا لحالات الإبادة الجماعية الأخرى، وللسبب نفسه، بمخرقة اليهود ذاتها. وقد أشاروا في ذات الوقت، إلى التحديات المصاحبة لمثل ذلك المدخل المقارن، وألقوا الضوء على أهمية التفرقة بين الهولوكوست، والإبادة الجماعية، وغيرهما من حالات العنف الجماعي، وانتهاكات حقوق الإنسان، أو الصراعات الإثنية داخل الفصل.


الهولوكوست ودروس المستقبل؟

لقد ألقى المؤتمر الضوء على العديد من الأراء المختلفة التي تتعلق بالغرض من التوعية بالهولوكوست. فمن ناحية، قام بعض المشاركين بالتأييد الصريح لأهمية التعلم من الهولوكوست وغيرها من حالات الإبادة الجماعية، وجعل الطلاب يربطون بين الأحداث المعاصرة وما حدث في الماضي. لقد أقترح أحد المشاركين على سبيل المثال، أن الغرض من التوعية بالهولوكوست هو التعرف على وحشية الإنسانية والعنف الإنساني وفهمهما وكيفية الوقاية منهما. هذا المشارك أقترح أنه في بعض الأماكن ربما يكون من المناسب التركيز على حالات الإبادة الجماعية والصراعات الأخرى لتلقين هذه الدروس. بينما ظل بعض المشاركين الآخرين حذرين من مثل ذلك المدخل، وأيدوا بدلاً من ذلك تطبيق مدخل أكثر مباشرة للتوعية بالهولوكوست، وعدم الربط صراحة بينها وبين الأحداث الأخرى، سواء كانت أحداث تاريخية أو معاصرة. لقد عبروا عن درجة من عدم الارتياح مع المفهوم الذي ينادي بتعلم شيء من الهولوكوست وأقترحوا أنه من المناسب والمهم في حد ذاته أن تتم دراسة الهولوكوست كحدث تاريخي.

وكجزء من برنامج المؤتمر، استعرض مربون من جميع أنحاء العالم بعض الطرق المختلفة التي يقومون، هم والمؤسسات التابعين لها، باتباعها لتحديد الغرض من التوعية بالهولوكوست وحدود تلك التوعية. لقد وصف أحد المتحدثين على سبيل المثال، برنامج تعليمي عريق متواجد في الولايات المتحدة، يركز على استخدام التوعية بالهولوكوست للمراهقين كأداه للوقاية من العنف، وكذلك إمكانية الوقاية من الإبادة الجماعية. ركز هذا المتحدث على أنه إذا كنا مهتمين بغرس قيم أو دروس معينة في نفوس المراهقين، فإننا بحاجة إلى أخذ سلوكيات ومراحل نمو المراهقين بعين الاعتبار. وقام بتأييد مدخل متعدد المعارف لا يتعرف الطلاب من خلاله فقط على الهولوكوست وغيرها من حالات الإبادة الجماعية، بل أنه يشجعهم أيضاً على التعبير عن حياتهم الشخصية والروابط (وكذلك الاختلافات) القائمة بين الأحداث المعاصرة والحالات التاريخية للإبادة الجماعية.

وأيد متحدث آخر مدخلاً مشابهاً ووصف تطور منهج مدعوم من قبل الدولة في الإكوادور حول "حقوق الإنسان، والهولوكوست وحالات الإبادة الجماعية المعاصرة الأخرى". هذا البرنامج تم تطويره للتلاميذ في سن ستة عشر وسبعة عشر عاماً. إن مبرر تدريس هذه المواد في المدرسة الثانوية هو أنه من المهم تقديم أخلاقيات الشفقة للتلاميذ، وتعليمهم قيم المواطنة. هذه القيم هي مفتاح نشر ثقافة اللاعنف، والمزيد من السلوكيات الإيجابية تجاه الأجانب والغرباء. طبقاً لما ذكره هذا المشارك، فإن الحفاظ على ذكرى الهولوكوست حية في سياق تدريس القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان وحالات الإبادة الجماعية الحديثة، يعد أمراً هاماً لكي نظهر للطلاب أنه يتعين علينا الاهتمام بالآخرين من أجلنا ومن أجل الإنسانية جمعاء.

وبالتعارض مع المتحدثين السابقين، الذين أيدا صراحة البرامج التي تشجع الطلاب على الربط بين الهولوكوست، وغيرها من حالات الإبادة الجماعية، وقضايا حقوق الإنسان، وحياتهم الشخصية، أقترح متحدث ثالث اتباع مدخلاً يبقي التركيز على تدريس تاريخ الهولوكوست وتقديم موضوع أحياء ذكرى الهولوكوست كموضوع استثنائي وفريد.

وصف ذلك المتحدث الثالث أعمال البرنامج الأوروبي لإحياء ذكرى الهولوكوست، وقال أنه يركز صراحة على تذكر الهولوكوست ولا يعتبر الوقاية من الإبادة الجماعية والتعليم المتعلق بحقوق الإنسان كمهمة رئيسية له. وفضل إتباع مدخل إنعكاسي لدراسة التاريخ، واقترح أن الغرض من التوعية بالهولوكوست هي التعرف على الهولوكوست بدلاً من التعلم منها.

ألقى المتحدث الرابع والأخير الضوء على المدخل متعدد المعارف للتوعية بالهولوكوست والوقاية من الإبادة الجماعية، والذي يتبعه "برنامج الأمم المتحدة للتوعية بالهولوكوست". فطبقاً لتفويض البرنامج الصادر من الجمعية العامة، يقوم البرنامج بتنظيم يوم سنوي لإحياء ذكرى الهولوكوست، ويتم إحياء ذلك اليوم بجميع مكاتب الأمم المتحدة حول العالم، كما يعقد البرنامج شراكات مع المجتمع المدني لتوسيع تفهم الهولوكوست وأسباب العنف الجماعي، الذي يمكن أن يقود على إبادة جماعية. يقوم البرنامج أيضاً بتطوير حلقات دراسية ومواد إعلامية التي تبرز الروابط الأساسية بين هذا التاريخ والترويج لحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية اليوم.

 

مواجهة الحقائق المحلية

بينما تظل مسألة كيفية تدريس مواد التوعية الخاصة بالهولوكوست، وهل من الأفضل دمجها ضمن منهج يركز بشكل كامل على التاريخ، أم في منهج يركز على حقوق الإنسان، أم في منهج يركز على مقارنتها بحالات الإبادة الجماعية الأخرى والأحداث المعاصرة، تظل تلك المسألة محل خلاف، أقر جميع المشاركون بالقيود التي تفرضها الأحداث التاريخية والسياقات المحلية على الأشكال التي يمكن أن تقدم بها التوعية بالهولوكوست وتلك التي يجب إتباعها. وقد ألقت لجنة منفصلة تركز على التحديات والنجاحات التي حققتها التوعية المعاصرة بالهولوكوست، بالمزيد من الضوء على الإغراض المحددة لبرامج التوعية بالهولوكوست وتنوع الطرق المتبعة لتطبيقها، وأنها تعكس حقائق محلية محددة. على سبيل المثال، أوضح أحد المتحدثين النمساويين أن التوعية بالهولوكوست في النمسا تعد جزءاً إلزامياً من المنهج الدراسي بالمدارس الثانوية. ولكن ضمن معهد "erinnern.at"، وهو معهد مخصص لتدريب المعلمين وتطوير مواد تعليمية للتوعية بالهولوكوست نيابة عن وزارة التعليم النمساوية، وقد تقرر في الوقت الحالي أنه لا يتعين تدريس المواد الخاصة بالهولوكوست مقترنة بحالات الإبادة الجماعية الأخرى أو ضمن إطار منهج حقوق الإنسان. والسبب الرئيسي وراء هذا القرار هو أن تاريخ الهولوكوست لازال يشكل موضوعاً مشحوناً في النمسا حيث لازالت هناك العديد من الذكريات والروايات المتضاربة قابعة في الذاكرة. ويظل التحدي الأكبر متمثلاً في الصراع بين الرواية الرسمية للجريمة النمساوية (مثل المشاركة في الأعمال الوحشية النازية) ورواية العائلات النمساوية التي تركز على النمسا ومواطنيها كضحايا، أو على الأكثر، كمشاركين مجبرين في الهولوكوست.

ويبدو الحال مغايراً لذلك في أوكرانيا، كما يوضح المتحدث التالي، فإن الهولوكوست لا تعد جزءاً أساسياً في المناهج المدرسية. وفي الحقيقة، وطبقاً لما ذكره هذا المتحدث، أقل من 10% من معلمي التاريخ في المدارس الثانوية بأوكرانيا تلقوا تدريباً حول تدريس التوعية بالهولوكوست. وذكر أنه هناك ثم عوائق بيروقراطية وكذلك سياسية تواجه تطبيق برامج فعالة للتوعية بالهولوكوست في أوكرانيا. تتضمن بعض التحديات الكبرى: عادة الصمت (الأوكرانيون لا يعتقدون بأن الهولوكوست تشكل حدثاً أوكرانياً أو جريمة شارك فيها الأوكرانيين)؛ التنافس بين أعداد الضحايا (هناك إحساس بأن عدد ضحايا المجاعة الأوكرانية لابد وأنه كان أكبر من عدد ضحايا الهولوكوست)؛ و"تأميم" التاريخ الأوكراني عبر تهميش أو تجاهل اليهود والأقليات الأخرى. وكما أظهر هذا العرض التقديمي وغيره من العروض التقديمية بوضوح أن المؤسسات والدول والمربين المختلفين ينتهجون مداخل متباينة للغاية عند تناول موضوع التوعية بالهولوكوست. وهناك عوامل تعليمية وسياسة وتاريخية تؤثر على الطرق التي يتم بها تطبيق برامج التوعية بالهولوكوست، وما إذا كان يتم ربطها بحالات الإبادة الجماعية الأخرى أو حقوق الإنسان، أو الاحداث التاريخية المحلية.

 

خاتمة

بالعودة إلى السؤال الرئيسي الذي طرح في هذا المؤتمر بخصوص الغرض من التوعية بالهولوكوست، نود أن نقترح بأنه هناك شرعية لجميع المناقشات التي خاضها المشاركون، والدفاع عن نظرية وجود طريقة واحدة "صحيحة" لتدريس التوعية بالهولوكوست. من الواضح أن الهولوكوست تشكل حدثاً هاماً ومحورياً في تاريخ القرن العشرين. ولهذا السبب، من المهم للطلاب دراستها والتعرف عليها. خاصة عند التحدث عن التوعية بها ضمن الجامعات، فإن مفهوم ضرورة تعلم شيئاً من الهولوكوست يناقض، بشكل أو بآخر، المفهوم العام للبحث والدراسة. إننا لا نعتبر موضوعاً يستحق الدراسة أو لا يستحقها ببساطة لأنه يشكل شيئاً يمكننا أو لا يمكننا استخلاص دروساً منه في مجتمعاتنا المعاصرة. ولكن في ذات الوقت، فإننا نعترف بأن التعليم لا يثمن الحياد، وأن التعليم يحدد بوجه عام الوظائف على أنها واحدة من أكثر الآليات التي يمكن للأمم من خلالها أن تغرس في الأذهان قيم وأخلاقيات معينة (سواء كانت بنائة أو هدامة) ضمن مواطنيها. وفي عالمنا الذي يزداد عالمية، إننا نؤمن بأنه من المهم للغاية توعية الطلاب بأخطار العنصرية، ومعاداة السامية، والخوف من الأجانب، وأن نغرس فيهم احترام حقوق الإنسان. إننا نؤمن بأنه من الأهداف الهامة للتعليم خلق ثقافة تعزز استعداد الطلاب وتمكنهم من تحدي عدم التسامح والظلم والعنف المؤدي للإبادة الجماعية. وكما ذكر أحد المشاركين في المؤتمر في لجنة عقدت تحت عنوان "جذور الإبادة الجماعية"، إننا بحاجة لتركيز اهتمامنا وطاقتنا على خلق ثقافة مضادة للإبادة الجماعية، إذا كنا نريد الوقاية من حالات الإبادة الجماعية في المستقبل. وبينما يمكن للتوعية بالهولوكوست أن تشكل مكوناً هاماً في خلق ثقافة مضادة للإبادة الجماعية، لكنها ليست كافية في حد ذاتها. يتعين أن نظهر للطلاب المدى الذي تشكل فيه "الإبادة الجماعية مأساة إنسانية مشتركة تكرر حدوثها لمرات عدة في الماضي ". لا يمكن تدريس الهولوكوست أو فهمها كانحراف في تاريخ الإنسانية. بل يتعين علينا، عوضاً عن ذلك، أن نظهر للطلاب أنه بينما تشكل الهولوكوست أكثر حالات الإبادة الجماعية تطرفاً، فإنها تشارك أوجه تشابة جلية مع حالات الإبادة الجماعية الحديثة في رواندا وكمبوديا والبوسنة. إذا كنا نريد الوقاية من الإبادة الجماعية في المستقبل، لابد وأن نثقف طلابنا حول تفشي حالات الإبادة الجماعية وصراعات الإبادة الجماعية على مدار التاريخ الحديث، وتوعيتهم بكيفية حدوث تلك الصراعات والأسباب التي أدت إليها. تتوفر في الوقت الحالي نماذج تعليمية قليلة نسبياً تنجح في الجمع بين التوعية بالهولوكوست والتوعية بحالات الإبادة الجماعية الأخرى، وحقوق الإنسان، والوقاية من الإبادة الجماعية. من النتائج الواضحة التي توصل إليها مؤتمرنا، أنه هناك حاجة لزيادة التعاون والتنسيق بين المهنيين والمربيين الذين يعملون في هذه الميادين، إذا كنا نأمل في نهاية المطاف في خلق نموذج تعليمي يسمح بدمج تلك المجالات المختلفة في إطار تعليمي واحد. وفي هذا المجال، قامت مؤسسة (Salzburg Global Seminar)، بالتعاون مع المتحف التذكاري للهولوكوست بالولايات المتحدة، بخلق مبادرة تدور حول موضوعات التوعية بالهولوكوست والوقاية من الإبادة الجماعية، وستتعامل مع هذه القضايا وستقوم بخلق شبكة من الخبراء متعددي المعارف، الذين يمكنهم التعلم من بعضهم البعض بهدف تأسيس جهود تعليمية ومبادرات ثقافية عالية الجودة لدعم الوعي والتوعية بالهولوكوست وحالات الإبادة الجماعية الأخرى، برؤية تقاوم الكراهية والعنصرية ومعاداة السامية، وتروج لحماية حقوق الإنسان والوقاية من الإبادة الجماعية.

 



أسئلة للمناقشة

 


العودة إلى قائمة المحتويات >>