ا
<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 17:53:05 Aug 09, 2016, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide
الأمم المتحدةمرحباً بكم في الأمم المتحدة. إنها عالمكم

سلسلة ورقات المناقشة

الورقة التاسعة

 

مصير طائفة الروما أثناء المحرقة: المسكوت عنه في القصة

بقلم لازلو تليكي
مبعوث خاص لرئيس الوزراء الهنغاري، والرئيس المشارك للجنة الوزارية المشتركة لشؤون طائفة الروما وعضو البرلمان الهنغاري.

ما لقيته طائفة الروما أو "الغجر" من مصير أثناء المحرقة ليس معروفاً جيداً رغم أنها كانت مستهدفة لتقوم ألمانيا الاشتراكية القومية بإبادتها. وقد اتخذ النازيون خطوات كثيرة رأوا أنها ضرورية لحل ما يسمى لديهم "بمشكلة الغجر". وعانت طائفة الروما مثلما عانى اليهود، من التمييز والاضطهاد والاعتقال التعسفي وأعمال السخرة والقتل إبّان سيطرة النظام النازي.

اتَّبعت طائفة الروما التي نشأت في الهند ثقافتها وتقاليدها الخاصة بها وعاشت بشكل مختلف تماماً عن الأوروبيين. وتعرّضت طائفة الروما للمعاناة لأن أسلوب معيشتهم هذا فُهم بشكل غير منصف بأنه "مصدر ضيق أو أذى". كما كان كثير من الأوروبيين يعتقدون أن طائفة الروما لا تنتمي لطوائف بينهم لأن أوروبا ليست موطنهم، رغم أن طائفة الروما ظلت تعيش حياة مسالمة طوال سنين. زيادة على ذلك، اعتُبرت طائفة الروما، نتيجة للسياسة العنصرية النازية تجاه الأقليات، أنها مصدر خطر لمفهوم "النقاء العنصر الآري".

وقد كانت المعاملة النازية لطائفة الروما تنطوي على تحيُّز وتمييز منذ بداية النظام. وحُرمت هذه الطائفة من حقوقها وممتلكاتها وحُظِر عليها الزواج من الأشخاص "الآريين" أو التزاوج معهم، نظراً لأن أشخاص الطائفة كانوا يعتَبرون بحكم القانون أدنى مرتبة. وبحلول سنة 1938، بدأ إلقاء القبض على أفراد الطائفة واحتجازهم في معسكرات مغلقة أو تحت الحراسة. وأصبح بعض معسكرات التجميع معسكرات لأعمال السخرة. وجرى ترحيل كثير من أفراد طائفة الروما إلى معسكرات اعتقال قائمة بالفعل. وجرى ترحيل معظم أفراد طائفة الروما الذين كانوا لا يزالون يعيشون في فترة الرايخ الألماني في كانون الأول/ديسمبر 1942 إلى أوشفيتز - بيركناو. وفي المعسكر وجدوا أنفسهم في قاع الترتيب الهرمي الاجتماعي، وجرى وسمهم بالحرف Z الذي يرمز إلى Zigeuner (أي غجري) وطُلب إليهم ارتداء علامة عليها مثلث بني أو أسود اللون لاستهدافهم واستفرادهم.

وكان أفراد طائفة الروما في "معسكر الغجر" في أوشفيتز - بيركناو مكدسين في بضع ثكنات حيث لقي مئات منهم حتفهم بسبب سوء التغذية والأوبئة والتجارب الطبية عليهم، والتعقيم القسري وأعمال السخرة. وكانت أوشفيتز واحداً فحسب من الأماكن حيث عُذب أفراد طائفة الروما وقُتلوا بشكل منتظم باستخدام الغاز. وفي أجزاء أخرى من أوروبا الشرقية كان أفراد طائفة الروما يعدمون رمياً بالرصاص.

وتعتَبر محرقة طائفة الروما أو Pharrajimos باللغة الهنغارية، واحدة من أكبر الخسائر في الأرواح شهدتها الإنسانية حتى الآن. ومع ذلك، صار عامة الجمهور يعلمون عن خسائر الأرواح هذه بعد ذلك بفترة طويلة ويعلمون في فترة أقل عن خسائر محرقة اليهود، والفظائع التي ارتُكبت ضد اليهود والناس أمثالنا في المعاناة.

واليوم، نود أن نحكي قصتنا، عن طريق البرامج التعليمية والمناسبات العامة والمعارض، لأن وفيات الرجال والنساء والأطفال من طائفة الروما لا يصبحون ضحايا إلاّ إذا فهمنا "لماذا" ولا نُغلق أعيننا عن السؤال "كيف".

إننا نريد أن يعرف كل شخص وأن يفهم أن حوالي ربع أفراد طائفة الروما الأوروبية، ومن بين أفرادها كثير من الشباب - هلكوا أثناء الحرب العالمية الثانية بغير جريرة على الإطلاق. ولم يكن هناك شخص واحد من طائفة الروما يريد أن يحمل السلاح.

وقد تُركت جثث معظم الذين قُتلوا للتحلّل دون ذكر أسمائهم في مقابر جماعية في مواقع مهجورة بالغابات وفي الحقول بعد رميهم بالرصاص، وفي الألغام معرَّضين للجوع والمرض والغاز القاتل أو النار أو السموم المستخدَمة أثناء التجارب الوحشية. ودُفن البعض أحياء بعد ضربهم بقسوة. إننا نحن نتذكرهم ونتذكر حالات وفياتهم الخرقاء، وكل شخص يتذكرهم وهم يرافقون الضحايا إلى طريق هلاكهم.

وعند التفكير مليّاً في المحرقة في هنغاريا، لا بد وأن تطرح بعض الأسئلة نفسها:

لماذا لم ينطق المفكّرون الهنغاريون بأي كلمة فيما بين الحربين العالميتين، عندما كانت الأفكار والإجراءات الأولى في المخاض تحث على الاضطهاد؟

ولماذا لم تُوفَّر بيوت لهم ولماذا تعرّضت أعداد كبيرة من طائفة الروما للهجمات في الفترة من سنة 1941 ؟ وما بعدها؟

لماذا طُوِّقت أسر طائفة الروما وقُبِض عليها ابتداءً من سنة 1943 ؟ وما بعدها؟

لماذا أُخذوا في مسيرات مجهدة، وفي عربات شحن في البرد وفي الظلام من سيكيزفرفار، ومسكولش، و ناغيكانيزا، و كورمند، و ايغر، وبودابست، ومن السجن في قلعة كوماروم، ثم لماذا أُخذوا بعد ذلك إلى تيريزيانوم، وداخاو، وماتهوزن، وساربروخن، وبيرغن - بلسن، وأوشفيتز - بيركناو ومعسكرات ألمانية أخرى للسخرة والموت؟

لماذا قُتلوا في كانون الأول/ديسمبر 1944 في المناطق المجاورة لمنطقة باركس في مقاطعة سوموغي، وفي كريسيند، وأندروماكتالي وماكتاليا وإيغر في مقاطعة هيفيز، وفي سيكيزفرفار في مقاطعة فيجر، وفي بيليسابا في مقاطعة بست، وفي فاربالوتا واينوتا في مقاطعة فسبريم؟ وهلم جرا.
...
إنه من المستحيل تقديم إجابة مقبولة أخلاقياً على أي من الأسئلة المطروحة آنفاً. لكن السكوت طوال نصف قرن ليس إجابة أيضاً، لمجرد أن هناك بضع وثائق أو صور ما زالت باقية من هذه الوفيات الخرقاء.

لقد علمنا عن المحرقة لأول مرة من ذكريات الأفراد الطاعنين في السن من طائفة الروما ومن النزلاء اليهود الذين عانوا معهم والذين قدموا لهم يد العون في المعسكرات. وأثناء الاحتفال بالذكرى الخمسين لحمام الدماء في أوشفيتز - بيركناو، قمنا بزيارة موقع الرعب حيث مات ما يزيد على 000 3 من الرجال والنساء والأطفال من طائفة الروما. وقد فهم جميع أولئك الذين حضروا معسكر الإعدام في ذلك اليوم وأنا من بينهم دلالة هذه الفترة المريعة، وما انطوت عليه من خسائر لا حصر لها، وأن أفضل عناصرنا هلكت هناك.

كان هذا هو الوقت عندما بدأنا نتتبع الأفرع المكسورة في أشجار عائلاتنا وعشائرنا، والأسر المفقودة. عندئذ بدأنا نطرح الأسئلة على الأشخاص الأكبر سنّاً بيننا والذين عاشوا خلال تلك الأيام أطفالاً صغاراً.

وكان هذا هو الوقت عندما فهمنا: أن غالبية ضحايا شعبنا ما زالوا حتى اليوم دون معرفة أسمائهم، والمعنى الحقيقي الوحيد الذي تعنيه تضحيتهم هو أننا نتذكرهم. ويبقى تذكُّر هؤلاء التزاماً في أعناقنا إلى الأبد.


أفراد الغجر اقتادوهم من هنا
"الكثير من أفراد الغجز اقتادوهم من هنا،
وفي الطريق حُفرت خنادق واسعة وعميقة،
ببطء يزداد غور الحفرة والعمل ماضٍ دون هوادة،
حتى يجيش الماء في الحفرة من أغوارها


من قصيدة كتبها شولي داروزي

 

نعم. بالفعل كانت حفرة النسيان والإهمال تتعمّق أيضاً أغواراً. هذه عملية في منتهى الخطورة. عليك أن تتخيل هذا! إنها كانت بسبب الإهمال، لأن كثيراً من الناس لم يأخذوا هذا بجدية في وقتها ولم يهتموا بذلك، بأن النازية كان بإمكانها بلوغ نقطة عندها لا يمكن وقفها من أناس صغار. ففي ذلك الوقت أمكنها فحسب أن يطغى سلطانها على حساب الحرب المدمّرة الباهظة التكاليف.

علينا التزام بأن نتذكر ضحايا طائفة الروما الهنغاريين، ليس هذا فحسب، بل نتذكر أيضاً جميع أُسر طائفة الروما الأوروبية. فعلى الطرق إلى الإعدام لم تكن هناك حدود، لا حدود وطنية ولا حدود جغرافية، حيث اقتيد هؤلاء إلى معسكرات الإعدام. وأُرسل كثير من نساء ورجال طائفة الروما إلى أعمال السخرة، وهلك كثيرون على بعد عدة مئات من الكيلومترات من ديارهم، وراء أسلاك شائكة. وأصبح مئات الأطفال يتامى لكنهم بقوا على قيد الحياة لحسن الحظ أو بفضل النساء اليهوديات أو الهنغاريات أو التشيكيات اللائي قدمن العون.

إن حدادنا إلى الأبد ولا تحده حدود، لكنه ليس بغير صديق وليس بغير هدف. فالهدف منه أن نقول معكم بأعلى صوت وحزم قدر الإمكان: "لا لن يحدث أبداً".

 



أسئلة للمناقشة


العودة إلى قائمة المحتويات >>