<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 20:50:32 Mar 30, 2019, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide
Featured articles

ميسون زايد: «غايتنا ليست كتابة التاريخ بل تغييرالذهنيات»

maysoon-2.jpg

© www.Maysoon.com

تقول ميسون زايد: «يُمثل المعاقون الأقلية التي تضم أكبر عدد من الأفراد في العالم». وُلدت ميسون بشلل دماغي وموهبة كبيرة في التمثيل، وقررت تغيير هوليود... والعالم.

أجرت الحوار سياورونغ شان

متى أدركت للوهلة الأولى أنك مختلفة عن الآخرين أو أنهم مختلفون عنك؟

لم أكن على وعي بهذا الاختلاف حتى بلغت  السادسة عشر من عمري. لقد أدركت ذلك عندما بدأ الناس يعاملونني بشكل مختلف. كنت على دراية بأنني أواجه صعوبة في المشي وأنني أرتعش. عندما كنت صغيرة، لم يكن لهذه الإعاقة الجسدية أثر كبير في حياتي لأن الجميع كانوا يعاملونني على هذا الحال وبدون تمييز. ولكن عندما كبرت وبلغت سن المراهقة  وأصبحت أعيش خارج بيت والديّ اثناء دراستي في الجامعة، أدركت أن الإعاقة مشكلة كبيرة. فعندما يحين وقت طهي الطعام، لم يكن باستطاعتي التعامل مع السكاكين والماء المغلي. كما أدركت أن الناس يجهزون لي الطاولة.

تخرجت أخواتي الثلاثة الأكبر مني سنا من الكليات في مايو وتزوجن في يوليو. أما أنا، فقد أدركت بعد تخرجي من الكلية أن لا أحد يرغب في الزواج مني. فالناس لا ينظرون إلى النساء ذوات الإعاقة بالطريقة التي ينظرون بها إلى غيرهن من النساء. وكانت هذه مشكلة هامة بالنسبة لي في ذلك الوقت.

لقد غرست فيكﻋﺎﺋﻠﺘﻚ يقينا قويا بأنك «قادرة» (على القيام بأي شيء). هل نما هذا اليقين على مر السنين؟ هل لك أن تقصي لنا المزيد عن دعم عائلتك؟

أعتقد أن لو لم ترسلني ﻋﺎﺋﻠتي إلى مدرسة من القطاع العمومي، لما كنت اليوم مدافعة عن ذوي الاحتياجات الخاصة. فمن حسن حظي ان والدي سَاعداني على الحصول على تعليم متساو مع غيري، وسمحا لي بالقيام بكل ما أريده، تمامًا كما فعلا مع أخواتي. مازلت أتذكر اللقاء مع مدير روضة الأطفال لما كان عمري 5 سنوات، حين قال إنني لن أتمكن من الذهاب إلى المدرسة العمومية، بل يجب إرسالي إلى مدرسة خاصة بالأطفال المصابين بمتلازمة داون. فصمد والدي ورفع دعوى قضائية ضد المدرسة، وفي النهاية كلّلت جهوده بالنجاح. .

وبما أن والداي لم يكونا  قادرين على تحمل نفقات العلاج الجسدي، أرسلوني لحضور دروس في الأداء المسرحي، ووقفت على خشبة المسرح منذ سن الخامسة. كان يراودني حلم الذهاب إلى هوليوود. كنت أعشق الأداء على خشبة المسرح لأنه يبعث في الشعور بطاقة لا متناهية. وكان والداي يشجعاني دائمًا ويردّدان: « في مقدورك القيام بذلك، نعم، أنت قادرة على ذلك!»

كان أبي شجاعا وذا حس فكاهي، وأمي امراة قوية. وكانا يحبونني. ولكنني أريد أن أؤكد لذوي الاحتياجات الخصوصية أنه في حال حرمانهم من دعم أهاليهم، فهذه ليست نهاية العالم.

ما رأيك في الجدل القائم حول مصطلحات عديدة مثل «الأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية»،  أو «ذوي القدرات المختلفة»، أو «ذوي القدرة على التأقلم»...؟

عندما كنت صغيرة  كنت واثقة من نفسي، وسعيدة وفخورة. ولكن تغير الحال حين دخلت الكلية وشعرت بأنني شخص غير مرغوب فيه وأنني غير قادرة على تحقيق أهدافي، لأن الناس كانوا يعاملوني بشكل مختلف. ولكن دوام الحال من المحال. أما  الآن وقد أصبحت ألعب دورًا في مساعدة الآخرين كممثلة هزلية معاقة، أود أن أقول إن أفضل تعبير يناسبنا باللغة الانجليزية ليس «ذوي الاحتياجات الخصوصية» أو «ذوي القدرات المختلفة» بل «ذوي الإعاقة».

يجب أن نقول ذلك بأعلى صوت وبكل فخر، لأنه ليس هناك ما يستوجب الخجل. إن احتياجاتي ليس فيها أية صفة خصوصية، وكل فرد لديه احتياجات مختلفة. وكلما زاد استعمالنا لكلمة «المعاقون» كلما ضعف الشعور بالخجل والخوف..

هل يمكنك وصف المشروع الذي بعثته لمساعدة المعاقين؟

في سنة 2003، أسّست جمعية خيرية تحمل إسم «أطفال ميسون» (ميسونز كيدز)، هدفها منح أطفال اللاجئين الفلسطينيين جزءا من الفرص التي منحها لي والداي. وقمت بتنظيم برامج لتوفير الرعاية الاجتماعية ودورات تدريبية لصالح الأولياء ومعلمي الأطفال المعاقين في الضفة الغربية. ووفرنا لهم خدمات وأدوات يحتاجونها: مترجمي لغة الإشارة، وأجهزة كمبيوتر صوتية،  وأخصائيين اجتماعيين ومعلمين ... لقد بذلنا قصارى جهدنا لمساعدتهم. ووضعنا حدا لهذا المشروع في عام 2012 لأن حياتي المهنية لم تعد تسمح لي بالتواجد على عين المكان للاسمرار في المساعدة.

متى وكيف بدأت حياتك المهنية كممثلة كوميدية؟

على شاشة التلفزيون الأمريكي، لا وجود لأشخاص مثلي. وهذه مشكلة في هوليوود. يُمثل المعاقون الأقلية التي تضم أكبر عدد من الأفراد في العالم، بنسبة 20٪ من إجمالي السكان. لكنها الأضعف حضورا في وسائل الإعلام ولا تمثل سوى 2٪ مما تشاهدونه على الشاشات التلفزية الأمريكية، و95٪ من هؤلاء هم في الحقيقة غير معاقين. وهذا يعني أن 5٪ فقط من 2٪ ممن يظهرون على شاشة التلفزيون هم معاقون فعلا.

إضافة الى ذلك ، كان جلّهم من الرجال ومن ذوي البشرة البيضاء، ولا أحد يشبهني! والشخص الوحيد الذي يقاربني في الأوصاف هو ريتشارد برايور وهو ممثل أسود البشرة فضلا عن أنه معاق. حينما رأيته، قررت أن أكون ممثلة في التلفزيون.

كان حلم التمثيل يراودني منذ الخامسة من عمري. والتحقت بالكلية  لدراسة الفن المسرحي، وهناك، أدركت ان أمثالي لن يحصلوا على فرص المشاركة في عرض قدراتهم بل ولن  يحظوا بفرص التوظيف. حينها اعتزمت تغيير هوليوود.

بعد تخرجي من الجامعة عام 1999، حصلت على وظيفة معلمة في اللغة الإنجليزية في مدرسة مسيحية، وكنت أشتغل نهارا، بينما كنت أخصص المساء لمشاهدة عروض كوميدية. في عام 2001، تركت وظيفتي لأصبح ممثلة كوميدية ​​محترفة.

يعتقد الكثير أنكِ أول امرأة كوميدية مسلمة في الولايات المتحدة. هل  ترين أن الضحك علاج؟

كوني كوميدية ​​فلسطينية في الولايات المتحدة هو في حد ذاته مثير للجدل. ولكن الكوميديا في أغلب الأحيان هي عبارة عن قصص شخصية، لذلك​ لا يستطيع أحد أن يمنعني من الحديث عن شخصيتي الفلسطينية! لما بدأت الوقوف على خشبة المسرح، أدركت نقاط القوة التي أملكها. في الوقت الراهن وفي جميع أنحاء العالم، هناك رقابة على ما يتفوه به الناس. لكن للكوميديا ​​قوتها.

إن عرض الكوميديا أصعب بكثير من التمثيل، لأن الممثل الكوميدي هو الذي يؤلف النص ويمثله، وهو يتحمل كامل المسؤولية في حالة فشل العرض.

سبق أن حذرني البعض بأن الممثل الكوميدي قد يشعر بفقدان كل طاقته بعد النزول من الركح، وقد يتعرض بعض الكوميديين إلى الاكتئاب. أما أنا، فلم أعان أبدا لا من هذا ولا من ذاك، لأن حياتي لا تقتصر على المسرح. تربطني صلات وثيقة مع أسرتي وأصدقائي، وكرست ذاتي للدفاع عن حقوق المعاقين ومكافحة العنف ضد المرأة. لدي الكثير من العمل.

من الاشياء التي اقولها مراراً وتكراراً هي: إذا شاهدت شخصا يهتز من الضحك، فمن المستبعد أن يفكر في قتلك. وإذا استطعت أن تجعل عدوك يضحك، فمن غير المرجح أن يؤذيك أو أن يكرهك. لقد استطعت تغيير الأذهان. لا يمكن تغيير كل الناس، ولكنني استطعت أن أغير الكثير منهم.

ما هي اللحظة التي غيرت مجرى حياتك؟

أحدثت مداخلتي في مؤتمر تيد عام 2013 نقلة نوعية في حياتي. تلقيت بعدها ملايين الرسائل من مختلف أنحاء العالم، أفعَمتني قوة وحماسا. كان ما لا يقل عن 20٪ من هذه الرسائل مفجعة. و كانت فكرة الانتحار تراود بعض الأشخاص تتراوح أعمارهم بين 12 و 50 عامًا. كانوا في حاجة الى أن يقال لهم إنهم ذو قيمة وإنهم يمكن أن يكونوا محبوبين.

بدأت حينها أكتشف مدى خطورة العنف الذي يواجهه المعاقون والصعوبات التي يلقونها في الحصول على التعليم. كنت أظن أن المشكلة تهم فقط الوضع العربي ولم أكن أتصور أنها مطروحة في كل مكان. وهذا مازادني يقينا بأن مهمتي هي خلق صورة إيجابية للإعاقة وبثها عبر التلفزيون، والسينما واليوتيوب، وغير ذلك.

لقد اشرت سابقاً ان وضعية المسلم أصعب من وضعية المعاق. كما ذكرت أن وضع المرأة المعاقة أصعب من وضع المسلم.

بعد هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة عام 2001، تم نعت المسلم والعربي بالإرهابي والعنيف ومضطهد النساء. ُأصبحت حياة المسلم قاسية في ظل هذه الظروف، ولكن ليس بقدر قساوة حياة امرأة معاقة. إن حالة المرأة المعاقة أصعب بكثير لأنها معرضة للعنف بصفة مستمرة. في الولايات المتحدة، تتعرض النساء ذات الإعاقة إلى ثلاثة أضعاف الإعتداءات والتحرش مقارنة بغيرهن، لأن لا أحد يكترث بهن. نحن نعيش باستمرار حالة من الخوف.

يغمرني الخوف لما أمشي ليلاً في الأزقة، لكنني لا أشعر بأي خوف من الاغتيال بسبب أقوالي. لذا أفضل استخدام صوتي بدلا من العيش في ظل الخوف.

وهناك عنصرا آخر أكثر صعوبة من كونك امرأة، ويتمثل في كونك امرأة كوميدية ​. فعندما تعتلي امرأة خشبة المسرح، تتقلص الحيوية في القاعة، لأنه من المفترض أن النساء تفتقد للحس الفكاهي. على النساء إذا أن تبذل عشرة أضعاف الجهود التي يبذلها الرجال حتى تثير الضحك لدى الجمهور.

في سنة 2002، كنت أول من قدم عملا كوميديا بانفراد في فلسطين والأردن؟ ماذا خلفت تلك التجربة لديك من إحساس؟

لن أنسى أبدا العرض الأول في الأردن. لم أكن آنذاك على علم بأن هذا النوع من الكوميديا إنما هو حديث العهد هناك، لذلك تفاجأ الجمهور. فأخذت على عاتقي تفسير الوضع: إنهم لا يضحكون لأنني معاقة بل لأنني فكاهية. كما علمتهم كيف يضحكون بحرية. ثم قمت بتدريب عدد من الكوميديين في الأردن وفلسطين وقطر والقاهرة. والآن، أصبح هذا النوع من الكوميديا متواجد في هذه البقاع من العالم.

ما هي مشاريعك حاليا؟

لقد أثر الشلل الدماغي على مساري المهني بشكل كبير، ولكن الوضع في تحسن الآن. لقد أبرمتُ مؤخراً عقدا مع شركة يونيفرسال ستوديوز لإنتاج مسلسل تلفزيوني خاص بي. من المنتظر أن تكون المرة الأولى في تاريخ التلفزيون الأمريكي تترأس فيها امرأة معاقة بشكل واضح عرضا. لم يحدث ذلك أبدا في السابق. لست بصدد تغيير التاريخ، أنا فقط بصدد كتابة قصة أخرى.

عندما نشاهد أشخاصا معاقين على شاشة التلفزيون، نلاحظ ان معظمهم في حالة حزن وبحاجة إلى المساعدة. سوف يغير برنامجي التلفزيوني كل هذا. لأنه يرمي إلى إدماج الإعاقة. عوض أن تكون الممثلة المعاقة في حاجة للمساعدة، تصبح في دور تقدم فيه يد المساعدة للغير. يحمل البرنامج عنوان «لو استطيع القدرة» وتبث الحلقات الأولى في عام 2018.

 

تنشر رسالة اليونسكو هذه المقابلة مساهمة منها في إحياء اليوم العالمي للمعاقين (3 ديسمبر).

ميسون زايد

ممثلة أمريكية، وكوميديّة ومدافعة عن حقوق المعاقين. ولدت ميسون زايد في ولاية نيو جيرسي في عام 1974 مصابة بمرض الشلل الدماغي. شهرت ميسون بكونها من أول النساء الكوميديات المسلمات في أمريكا، وأول من قدم عرضا هزليا في فلسطين والأردن. كما شاركت في تأسيس مهرجان نيويورك العربي الأمريكي للكوميديا، بالإضافة إلى تأسيس الجمعية الخيرية «اطفال ميسون» (ميسونز كيدز) التي توفر البرامج والموارد والمنح الدراسية للأطفال المعاقين والأيتام في فلسطين.