<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 16:16:00 Jun 11, 2019, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide
أفكار

تمويل المرونة الطبيعية: موجة جديدة

cou_01_18_water_01_bis.jpg

Delta do Rio Colorado, perto de San Felipe, no estado mexicano de Baja California, em 2011.
دلتا نهر كولورادو، قرب سان فيليب، المكسيك، 2011
حلولٌ تعتمد على  الطبيعة – ذلك هو الموضوع الاستراتيجي الذي يتناوله تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية 2018. ويعتبر إصدار سندات الإستحقاق في هذا المجال، لجلب الاستثمارات نحو مستقبل مستدام للموارد الطبيعية وخاصة منها المائية، ظاهرة حديثة نوعا ما. إن المعايير العالمية لتقييم هذه السندات «الخضراء»، التي تمّ إقرارها مُؤخّرا، قد تحدث تغييرا في الأسواق المالية وارتفاعا في حجم الاستثمارات في حلول  تعتمد على الطبيعة.

جون ه. ماثيوز، ليلي داي وآنا كريد

يتوقّع الأخصّائيون في المناخ ارتفاع حرارة الأرض بين 4 و6 درجات سلسوس قبل نهاية هذا القرن. وفي الآن ذاته، يدخل العالم عصرا يتّسم بنمو حضري غير مسبوق، مُقترنا بتطوّر البنى التحتية. ويشترط ضمان التنمية المستدامة بنى تحتية تولّد انبعاثات كربونية ضئيلة وتكون مرنة أمام التقلب المناخي، دون أن تعطّل نمط النموّ الضروري لتحسين نوعية حياة المواطنين ضعفاء الحال.

إلا أنه، وبالنظر إلى ما ورد في تقرير اللجنة العالمية للاقتصاد والمناخ لسنة 2016 الذي يحمل عنوان  الاقتصاد المناخي الجديد، يتطلب إنجاز بنى تحتية مُعتدلة نموّا سنويا للاستثمارات بنسبة 3 إلى 4 %، لبلوغ قيمة 6.200 مليار دولار. كما يتطلّب التكيّف مع الاختلال المناخي حجما هاما من الاستثمارات الإضافية تُقدّر، حسب تقرير الفجوة المالية للتكيّف لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لسنة 2016، بمبلغ يتراوح بين 280 و500 مليار دولار سنويا إلى حدود سنة 2050، حتى في حال حصول ارتفاع في الحرارة بدرجَتين سلسوس.

ولن تكفي المصادر التقليدية لتمويل البنى التحتية، مثل الحكومات أو البنوك التجارية،  للإيفاء بالحاجيات إلى غاية سنة 2030. لذلك، أصبحت المؤسسات المُستثمِرة على غرار صناديق التقاعد والصناديق السيادية تعتبر مقبولة أكثر فأكثر لتغطية هذا العجز.

وتبيّن أن السندات «الخضراء»، التي تسمح بتخصيص موارد مالية لاستثمارات مستدامة بيئيّا، هي أدوات مالية أساسية من شأنها أن تضع قيد التنفيذ الحلول التي  تعتمد على الطبيعة. وبذلك برزت منذ عشر سنوات فقط، سوق جديدة على الصعيد العالمي.

في سنة 2007، قام كل من البنك الأوروبي للاستثمار والبنك العالمي بإصدار أولى السندات «الخضراء» (التي تُسمّى أيضا بـ«المناخية»). والمقصود من خلال هذه الآليّة للقروض إبراز جدوى ذلك المورد لتمويل المشاريع البيئية. ورغم أن العبارتين كثيرا ما يتمّ استعمالهما بشكل تبادلي، إلا أنه تمّ تهذيب السندات المناخية تدريجيا لتخصيصها لمشاريع مقاومة التغيّر أو التكيّف المناخي. وبفضل المكانة المرموقة التي تحظى بها المؤسسات المذكورة، تم اكتساب ثقة الأسواق، واقتفت أثرها بعض الجهات المانحة الأخرى والمؤسسات متعددة الأطراف.

وإذا تناولنا السندات الخضراء والمناخية كصنف للاستثمار، وجدنا أنّها كانت متصلة نوعا ما بسوق محصورة، وأن مفعولها بقي محدودا إلى حوالي سنة 2013، وهي السنة التي تضاعف فيها عدد الإصدارات ثلاث مرّات ليصل إلى ما يُقارب 10 مليار دولار، بعد أن شرعت البنوك التجارية والمؤسسات في دعم تلك السوق. وتواصلت تلك التوجهات وتضخّمت إلى أن بلغت 86،1 مليار دولار سنة 2016، وأكثر من 100 مليار سنة 2017.
وكمصدر تمويل في المجالات المناخية، يُعتبر هذا المبلغ الإجمالي مطابقا لمقدار 100 مليار دولار الذي دعت لبلوغه سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغيّر المناخ غداة اتفاق باريس الذي دخل حيّز التنفيذ في 4 نوفمبر 2016. وإذا اقتصرنا على الصين، وجدنا أن السندات الخضراء والمناخية بلغت 36،2 مليار دولار سنة 2016.

هل السندات الخضراء حقّا خضراء؟

ورغم هذه الانطلاقة السريعة، يخشى بعض المستثمرين أن تكون هذه السندات الجديدة غير مضمونة كاستثمارات بيئية بالنسبة للمسائل المطروحة في الوقت الراهن. كيف يتسنّى لنا أن نعرف ما إذا كانت الالتزامات المُسمّاة بـ«الخضراء» هي فعلا «خضراء»؟ وهل أن المخاطرة باستثمارات غير مُجدية يُمكن أن يُثير انهيارا أو خطرا على منظومة هذا الصنف من الأسواق؟

وأكّدت مُؤخّرا العديد من المنظمات غير الحكومية التي تشتغل على المسائل المتعلقة بجدوى المشاريع مع مجموعة الخبراء الماليين والمستثمرين، على ضرورة اعتماد معايير مفتوحة ومستقلّة. ففي مجال المياه بالخصوص، يُعتبر هذا النقص فادحا، إذ أن مسألة موارد المياه العذبة كثيرا ما تغيب عن اهتمامات المستثمرين الذين قد لا يُدركون بالضرورة، وفي الحين، مكانة الماء في الطاقة، وفي الفلاحة، وفي التخطيط الحضري، كما أنهم لا يدركون  مدى تأثير العنصر المائي في مشروع ما على جوانب وأنظمة أخرى صلب ذات المشروع.

في منتصف سنة 2014، قام ائتلاف مكون من منظمات غير حكومية، بتحديد مجموعة من المعايير لتقييم جودة الاستثمارات المرتبطة بالمياه من حيث مدى ملاءمتها للتكيّف المناخي. وكوّن الائتلاف فرق عمل تقنية وصناعية عهد لها ضبط معايير التقييم التي تُمكّن المُصْدرين والمُعاينين من كسب ثقة المستثمرين في السندات المناخية. ويتكون هذا الائتلاف من سيريس، ومبادرة كلايمت بوندس، ومعهد الموارد العالمية، وسي. دي. بي.، والمعهد الدولي للهيدرولوجيا بستوكهولم، والتحالف من أجل التكيف العالمي للمياه.

تقييم الحلول المعتمدة على الطبيعة

تُساعد هذه المعايير على تقييم ناجع لمدى مساهمة السندات الجديدة في مجهودات المرونة أمام التغيّر المناخي، وفي الإجراءات التي تم اتّباعها للتكيّف مع هذا التغيّر، وكذلك مدى تأثيرها على البيئة. وقد تمّ استيعاب كل  هذه المسائل من قبل المهندسين  والمختصّين في العلوم والمُتصرّفين في الموارد. أما بالنسبة لمجموعات المستثمرين والخبراء الماليين، فإن مستوى الوعي، وحتّى الحد الأدنى منه، يبقى محدودا للغاية. ولذلك، استهدفت المرحلة الأولى التي انطلقت في أكتوبر 2016، الاستثمارات التقليدية في البنى التحتية المائية «الرمادية» (باستثناء الطاقة الكهرومائية).

وبصفة عامّة في ما يتعلق بالحلول  المعتمدة على الطبيعة، أي الاستثمارات في البنى التحتية الخضراء والهجينة – فإن خطر «الغسل البيئي» (عملية تسويق تهدف إلى الاستظهار بسلوك بيئي مسؤول) مرتفع جدا. والسبب هو عدم توفر مقاييس علمية في هذا المضمار، بل عدم الاستطاعة على اثبات مقدرة الأنظمة البيئية المعنيّة على تحمّل تبعات التغيّر المناخي.

وقد ساعدت مؤسسة روكفيلر سنة 2016 على إعداد معايير المرحلة الثانية التي تهدف إلى تقييم واعتماد الاستثمارات في الحلول المعتمدة على الطبيعة في مجال الموارد المائية. وترتكز هذه الاستثمارات بشكل واضح على استعمال الأنظمة البيئية في إسداء خدمات مشابهة لخدمات البنى التحتية الرمادية، بواسطة البنى التحتية المُسمّاة بالطبيعية أو الخضراء والهجينة. ومنها استغلال مياه الأمطار أو الحماية من الفيضانات بفضل الأنظمة البيئية لضفاف الأنهار، ومعالجة مياه المناطق الرطبة أو تخزين المياه في الطبقات الجوفية (طبقات تحت الأرض مُتكوّنة من المياه المُتسرّبة). وقد تمّ اعتماد هذه المعايير الإضافية في بداية سنة 2018.

ويسمح تطبيق المرحلتين معا بتقييم تأثير الاستثمارات على تقليص التغيّر المناخي وقدرتهما على المساهمة في تحسين التكيّف مع تلك التغيّرات.

وفي مايو 2016، أصدرت لجنة الخدمات العمومية في سان فرانسيسكو (كاليفورنيا، الولايات المتحدة) أوّل التزام مالي أخضر موثوق في مجال الموارد المائية على الصعيد العالمي، بمبلغ إجمالي قدره 240 مليون دولار، تلاه في ديسمبر 2016، التزام ثانٍ بمبلغ 259 مليون دولار. وقد تمّ اعتماد كل منهما حسب معايير السندات المناخية، وهي آلية  تُحدّد الشروط التي يجب أن يحترمها المستثمرون للحصول على التصنيف «الأخضر»  للالتزامات، أو لتخصيصها لتمويل مبادرات مائية ذات انبعاثات كربونية محدودة.

وفي يوليو 2017، جاء دور مدينة كيب تاون لإصدار الالتزامات الخضراء المعتمدة لأول مرّة في أفريقيا الجنوبية بمبلغ مليار راند جنوب-إفريقي. وفي سبتمبر 2017، أعلنت الصحيفة اليومية شاينا دايلي عن قيام بنك التنمية الصيني، وهو مؤسسة مالية عمومية، بإصدار التزامات خضراء بما يُناهز 5 مليار يوان، مخصصة لصيانة الموارد المائية على طول الحزام الاقتصادي لنهر يانغتسي.

وفي النجاح الذي حقّقه إصدار وبيع هذه الالتزامات ومثيلاتها، المطابقة للمقاييس المعهودة ، مُؤشّر على تغيير واضح في عقلية المستثمرين. لقد تمّ إصدار أكثر من مليار دولار إلى حدّ هذا اليوم بالتطابق مع المعايير الرمادية العادية، وهو قدر يجب بلوغه بسرعة بالنسبة للاستثمارات في الحلول التي تعتمد على الطبيعة.

في زمن التحوّلات البيئية والمناخية، تُساعد هذه المعايير على تغيير عالم المال نفسه.

للمزيد من المعلومات

يعدّ تقرير الأمم المتحدة حول تنمية الموارد المائية  في العالم أهمّ وثيقة يصدرها فريق التنسيق التابع لمنظمة الأمم المتحدة المعني بمختلف المسائل المتعلقة بالمياه. ويصدر هذا التقرير كلّ سنة عن برنامج اليونسكو العالمي لتقييم الموارد المائية، بالتعاون الوثيق مع أعضاء وشركاء برنامج الأمم المتحدة والماء، بمناسبة اليوم العالمي للمياه، يوم 22 مارس.

سوق الالتزامات الخضراء من 2012 إلى 2017
المصدر :
مبادرة السندات المناخية (2017). 

 

آنا كريد
آنا كريد (المملكة المتحدة) هي مديرة قطاع المقاييس في مبادرة  السندات المناخية.
ليلي داي
 ليلي داي (الصين) محلّلة وباحثة رئيسية في مبادرة  السندات المناخية.
جون ه. ماثيوز
جون ه. ماثيوز (الولايات المتحدة) هو منسّق وأحد مؤسسي التحالف من أجل التكيّف العالمي للمياه الذي يدعمه كل من البنك الدولي والمعهد الدولي للهيدرولوجيا بستوكهولم.