<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 16:08:18 Jun 11, 2019, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide
زاوية كبرى

كايلاش ساتيارثي يخوض معركة جديدة: محيط دراسي آمن

cou_01_18_try_harder_01.jpg

Setembro de 2017, no 23º dia da marcha Bharat Yatra em Indore (Madhya Pradesh, Índia).
مشهد من اليوم الثالث والعشرين لمسيرة بهارات ياترا، في أندور (مادهيا براديش، الهند)، سبتمبر 2017.
لعلّ الأطفال قد حصلوا على الحق في التعليم، أما الآن فعلينا أن نعلمهم حقوقهم. هذا هو التحدّي الذي رسمه لنفسه كايلاش ساتيارثي، الحائز على جائزة نوبل للسلام سنة 2014. ولا يزال مثابرا في الجهود التي يبذلها منذ سنة 1980، من أجل القضاء على استعباد الأطفال وعلى تشغيلهم، وقد أسس لهذا الغرض حركة باشبان باشاو اندولان («انقذوا الأطفال») التي ساهمت في انتزاع أكثر من 85.000 طفل هندي من الاستغلال، بواسطة التعليم وإعادة الإدماج.
يُوضّح كايلاش ساتيارثي لرسالة اليونسكو كيف بدأ نشاطه، وماذا ينتظر من نضاله الجديد من أجل مدارس آمنة، ولماذا يعتبر أن التحرّر الحقيقي يبدأ بالتعليم.

أجرت الحوار ماري دي سوزا

متى وكيف اعتزمت تبنّي قضية حقوق الأطفال؟

كان ذلك يوم دخولي المدرسة لأول مرّة، وكنت في سن الخامسة. شاهدت طفلا صغيرا، من سنّي، جالسا قبالة مدخل المدرسة وأمامه صندوق لتَلميع الأحذية. كان ينظر إلى حذائي. تضايقت من ذلك المشهد. وكان أول سؤال طرحته على المعلّم: «لماذا هذا الطفل ليس معنا في المدرسة؟»، فأجابني بأن العديد من الأطفال الفقراء مُضطرّون على الشغل.
تحدّثت ذات يوم في الموضوع مع والد الطفل، فشَرح لي بأنهم يتعاطون هذه المهنة أبا عن جد، وأضاف: «هل تعلم يا سيّدي أن أمثالك وُلدوا ليتعلّموا وأن أمثَالي خُلقوا ليشتَغلوا؟». تأثّرت كثيرا بسؤاله، لكنني كنت صغيرا وغير قادر على الرد.
عندما كبرت، حافظت على كتبي المدرسية القديمة وادّخرت من مصاريفي الخاصّة لأدفع رسوم التسجيل للأطفال المعوزين. أصبحت فيما بعد مهندسا في الكهرباء، ولم يفارقني أبدا الإحساس بالواجب لفائدة هؤلاء الأطفال. لحين تركت وظيفتي لأتفرّغ كامل الوقت لهذا الواجب.

ما هي أهمّ نجاحاتك في البداية؟

منذ أول حملة قمنا بها، لمّا أعددت آلاف المناشير ووزعتها في الأسواق، كنت مقتنعا بأن التعليم والتحرّر لا ينفصلان. وعندما حاولت للمرّة الأولى أن أبسط إشكالية تشغيل الأطفال على النقاش العام، تمّ تجاهلي تماما. ولم يصدر في الهند أول قانون لمنع تشغيل الأطفال إلا في سنة 1986. وكنت قد ناضلت طيلة ست سنوات من أجل مرور ذلك القانون، وأعتَبر أنه لا يزال منقوصا لحد الآن. وسوف أثابر في بذل الجهد من أجل تحسينه.
عندما قمت بتحرير عدد من الأطفال من العبودية وأردت إدخالهم إلى المدارس، كثيرا ما كنت عرضة للإهانة: وكنت أجابَه بالقول بأنهم قذرون وأن شكلهم قبيح ولا يمكن قبولهم.
تحدّثت في الموضوع مع أصدقاء من رجال القانون، وشرحوا لي الإشكال: إن التربية في الهند ليست حقّا ينص عليه الدستور. وبقي الأمر كذلك إلى أن تمّ، سنة 2001، وبعد حملة تحسيسية واسعة، اعتماد التنقيح رقم 86  للدستور الذي أصبح التعليم بموجبه حقّا أساسيا.

انطلقت الحملة ضد تشغيل الأطفال من الهند، لكنها سرعان ما أخذت بعدا دُوليّا. كيف تمّ ذلك؟

إسماع صوتنا على المستوى العالمي أخذ منّا عشرين سنة. عندما أسّست باشبان باشاو اندولان في الهند، سنة 1980، اكتشفت أن جميع وكالات الأمم المتحدة، بما فيها منظمة العمل الدولية، أو صندوق الأمم المتحدة الدولي لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أو البنك الدولي، لا تمتلك أية آليّة قانونية دولية لحماية الأطفال من التشغيل، أو الاتّجار، أو البغاء أو أي نشاط آخر يعرضهم للخطر.
ركّزت اهتمامي على  الوضع في باكستان والنيبال وبنغلاديش، ووجدت فيها نفس ظروف العبودية الحديثة. وموازاة مع ذلك أصبحت عضوا في لجنة حقوق الإنسان بجنيف، في سويسرا، حيث قررت النضال من أجل استصدار قانون دولي ضد استعباد الأطفال.
قمت بحملة في أوروبا وفي الولايات المتحدة، وبعثت برنامجا في ألمانيا لمنع تشغيل الأطفال. وفي سنة 1992، تمّ بعث البرنامج الدولي للحد من عمل الأطفال التابع لمنظمة العمل الدولية، ثم التحقت به اليونيسيف والبنك الدولي.
وفي سنة 1993، أطلقت حركة باشبان باشاو اندولان أولى حملاتها في الهند، في شكل مسيرة ضد تشغيل الأطفال. وبعد خمس سنوات، شرعنا في مسيرة عالمية على طول 80.000 كلم عبر 103 بلدا، دامت ستّة أشهر.
وتوّجت تلك الجهود بصدور الاتفاقية 182 لمنظمة العمل الدولية الخاصّة بمنع أسوأ أشكال تشغيل الأطفال، والانطلاق فورا في العمل على القضاء عليها. كان ذلك سنة 1999، أي عشرين سنة بعد أن بدأت في توزيع المناشير في الهند.


زواج فتاة قاصرة في كوتا (راجستان، الهند)، يوم 16 مايو 2010. الزواج المبكر من أهم العقبات أمام التعليم في الهند.

أطلقت، منذ عشر سنوات، مسيرة جديدة في جنوب آسيا من أجل تبنّي اتفاقية إقليمية ضد العمل الاجباري، كما أطلقت في سبتمبر 2017، مسيرة بهارات ياترا لإنهاء الإعتدء الجنسي والاتّجار بالأطفال. ما هي الأسباب التي حرّضتك على تنظيمها؟

الهدف من المسيرة الوطنية بهارات ياترا، التي جابت 11.000 كلم في 36 يوما، هو إطلاق نداء عام لإعادة بناء «بلاد هند آمنة للأطفال». إن الاعتداء الجنسي على الأطفال آفة في انتشار متواصل عبر العالم. أما في الهند، فقد أضحت وباء شديد العدوى، إذ أصبح الأطفال يوميا عرضة للاعتداءات والاغتصاب والاتّجار.
كل دقيقتين طفل يُباع، و كل نصف ساعة يقع اعتداء جنسي على طفل. وفي أغلب الأحيان، يكون مُقترفو هذه الاعتداءات سائقي حافلات مدرسية، ومعلّمين، وأولياء. وبينما يمضي هؤلاء المجرمون بكل حرية ودون خوف، تلازم الضحايا الصمت بسبب الشعور بالخجل.
قضيت حياتي في النضال من أجل تمكين الأطفال من الذهاب إلى المدرسة، لكنني تبيّنت أنها، في الحقيقة، ليست دائما مكانا آمنا بالنسبة لهم.
ما يجب البدء به هو رفع التكتّم على الاعتداء على الأطفال والكف عن حظر الكلام في هذا الموضوع. ويقتضي ذلك تعبئة قوية وواسعة، ممّا حثنا على استعمال استراتيجية المسيرة التي سبق وأن برهنت على نجاعتها. واستخرجنا العبر من نجاحاتنا السابقة، فوجّهنا اهتمامنا إلى مشكلة العنف ضد الأطفال، وأدرَجنا فيها هذه المرّة زواجهم واستغلالهم، اللذين يُمثّلان أيضا عوائق رهيبة أمام التعليم.

ما هي النجاحات التي حقّقتها هذه المسيرة وماذا تترقّبون من هذا الوعي الجديد؟

التحق بمسيرة بهارات ياترا المناهضة للاعتداءات على الأطفال ما لا يقلّ عن 1،4 مليون شخصا: وهو نجاح منقطع النظير، خاصّة إذا أخذنا في الاعتبار أننا كسرنا حاجز المسكوت عنه. ورفع الشبّان رؤوسهم في كل مكان، حتّى أنهم تجرّؤوا على الصعود على الركح حتى يقصّوا، لأول مرّة، معاناتهم.
لعلّ الأطفال قد حصلوا على الحق في التعليم، أما الآن فعلينا أن نعلمهم حقوقهم. وشرعنا في حملة من أجل محيط مدرسي آمن، في اتجاه المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية  في كامل أرجاء البلاد، مع إعطاء الأولويّة لحماية الأطفال من العنف الجنسي.
ونحن بصدد إعداد دراسة لتقييم التغيّرات التي جدّت في السلوكيات وتطوّر المعرفة، إثر مسيرة بهارات ياترا، وهي دراسة يمكن استغلالها على الصعيد الدولي. وقد وصلتنا طلبات من بلدان أخرى ترغب في إطلاق حملات مماثلة من أجل تأمين المدارس.

أثناء مسيرة بهارات ياترا، طلبت من المسؤولين السياسيين العودة إلى المدرسة. ما المقصود من ذلك؟

هم التزموا بزيارة المدارس التي ارتَادوها في الصغر، وقد شجّعتهم على ذلك، لا بوصفهم أشخاصا مُهمّين جدا، وإنما كآباء أو أمهات عاديين. طلبت منهم ألّا يكتفوا بالاستخبار عن النواحي الأمنية، بل وأيضا عن نوعية التربية وعن المحيط العام للمدرسة وللمعلّمين. هل يحظى الأطفال بالاحترام؟ هل يحصلون على وجبة يوميا؟ ما هي نسب حضورهم بالمدرسة؟  كثيرا ما يكون المسؤولون في السلطة بعيدين عن الواقع بل ومنقطعين عنه. وبسبب الفساد، تُعاني المناطق الريفية، في نفس الوقت، من النسب المرتفعة لغيابات المعلمين وللإنقِطاع عن الدراسة.
إن استحضار المسؤولين السياسيين في المدارس من شأنه أن يحسّن العديد من الأشياء. وكنت طالبت بالتكثيف من زيارات نساء الأمن إلى المدارس لإحداث الشعور بالحماية. وتعتزم الحكومة اصدار قانون جديد ضد الاتّجار بالبشر، بما فيهم الأطفال، تصحبه حملات للتوعية والتحسيس. 


اجتماع لتلميذات هنديّات

تحصلت على جائزة نوبل للسلام سنة 2014 اعتبارا لـ «نضالك ضد اضطهاد الأطفال و الشباب ومن أجل حق كل الأطفال في التعليم». هل أثّر ذلك على مسار حياتك؟

كثيرا ما أقول، على سبيل الهزل، إنني منذ أن حصلت على جائزة نوبل للسلام، لم أعد أعيش في سلام! وصلتني حوالي 40.000 دعوة، وعليّ أن أعيش 160 سنة أخرى كي ألبّيها كلّها. في نفس الوقت، أنا سعيد جدّا بأن يُنظر إليّ كشخص من الأشخاص العاديين تمكن من الحصول على جائزة نوبل. واتّصالي المباشر بعامة الناس يدعم ثقتي في ما أحاول تحقيقه.
ومن الجوانب السلبية أنه لم يعد بإمكاني أن أسيّر بنفسي عملية إنقاذ الأطفال الذين يشتغلون! أصبحت معروفا حتّي في المناطق النائية. وبما أن خبر زيارتي ينتشر مسبقا، يتمّ إجلاء الأطفال من المنجم أو من المعمل قبل وصولي. وتمكّنت في بعض الأحيان من الذهاب على عين المكان بطريقة سرّية، وبعد بعض المحاولات، توصّلت إلى العثور عليهم. أما الجانب الإيجابي فيتمثّل في أنه بإمكاني الوصول إلى كافة رؤساء وكالات الأمم المتحدة تقريبا، وإلى رؤساء الحكومات والدول، لمُشافهتهم بكل صراحة حول التغييرات السياسية الضرورية في هذا المجال.

أصبحت الآن بعيدا كل البعد عن تكوينك كمهندس كهربائي. هل من مكان  لمؤهلاتك في نشاطك الحالي؟

اتّضح أن تكويني الأصلي مفيد جدا إذ مكّنني من التفكير بطريقة تحليلية ومنطقية ومُركّزة. وأعتقد أن ذلك هو ما دفعني إلى أن أبني نضالي ضد عبودية الأطفال على أسس قانونية، وليس على المنهجية الكلاسيكية للإحسان. إن تحقيق التغييرات الهيكلية يكون أيسر لمن تعوّد على اعتماد المقاربات الهيكلية.

ما هي التحسينات التي عاينتها في حياة الأطفال منذ أن باشرت هذا العمل؟

أعلم أنه ما أن يتمّ إنقاذ الأطفال من العبودية ومن الزواج المبكّر، تتطوّر الأمور بصفة مترابطة. إن التعليم يمنح الأهالي الأكثر خصاصة وتهميشا شيئا من الاستقلالية والكرامة والشعور بالإنتماء، لا سيما الأطفال والفتيات. وعندما يتعرفون على حقوقهم ويتعلمون القراءة والكتابة، فإنهم يجنون ثقة هائلة في أنفسهم.
لقد شاهدت مراهقات يقفن لرفض تزويجهن ضدّ رغبتهن لأنهن أصبحن على معرفة بحقوقهن وقَادرات على اللجوء إلى الشرطة أو إلى المنظمات غير الحكومية. كما أن العديد من الفتيان، ضحايا الشغل الجبري، يتوجهون للبحث عن المساعدة حالما يكتشفون حقوقهم.

لاقيت آلاف الأطفال. ماذا تعلمت منهم؟

علموني أنه من الضروري أن نُحافظ على سمات الطفولة التي تسكن كل واحد منّا. وأعتقد أن كل من يتحلى بالبساطة والصدق والأفكار الواضحة، هو في الحقيقة لم ينس ضرورة الاحتفاظ شيئا ما بصفات الطفولة.

ما الذي يغذي حماسك؟

حماسي مرتبط بالأحلام التي أراها في عيون الأطفال.

اقرأ المزيد حول الموضوع - بالإنجليزية

مؤسسة كايلاش ساتيارثي للأطفال

بهارات ياترا