<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 09:49:38 Jun 11, 2019, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide
Editorial

افتتاحية

«نأمل في صياغة موسوعة خاصة بنا حول كل ما يتعلق بشؤون المياه. فهل يتسنّى لكم مساعدتنا؟». ذلك هو الطلب الذي تقدّم به إلى اليونسكو، في منتصف السنوات 2000، وفد من مجتمع مايانيا الذي يعيش في غابة بوزاواس الاستوائية في نيكاراغوا. وقد التحقت هذه الغابة، المعروفة أيضا باسم قلب الممرّ البيولوجي لأمريكا الوسطى، بالشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي التابعة لليونسكو سنة 1997. وبما أن المنظّمة أطلقت سنة 2002 برنامج أنظمة المعارف المحلية للسكان الأصليين (لينكس)، كانت الفترة مناسبة لبعث مشروع مبتكر: التسجيل الصوتي لمعارف السكان الأصليين قصد تجميع ونشر كل المعلومات المتوفّرة في مايانيا حول الأسماك والسلاحف. وفي سنة 2010، صدر كتاب في جزأين يضمّ أكثر من 450 صفحة، وبلغتين (مايانيا والاسبانية)، فكان تتويجا للمرحلة الأولى من مشروع أشمل حول معارف مايانيا المُتّصلة بالطبيعة بشكل عام.

سكان مايانيا كانوا على علم بأنهم إذا تباطؤوا في تدوين معارفهم، فسوف تؤول للانقراض شيئا فشيئا على غرار غابتهم التي تقلصت بفعل اقتلاع الأشجار المخالف للقانون وتطوّر الفلاحة المكثفة. وهذه الطريقتين لاستغلال الطبيعة تتناقض تماما مع الأسلوب التقليدي لحياة السكان الأصليين في محمية بوزاواس، الذي يستند على الصيد البري والبحري، وجني الغلال والخُضر، وعلى تربية المواشي في حدود الاكتفاء المعيشي.

ووفرت لهم  اليونسكو المساعدة للحفاظ على معارفهم حتى يتمكّنوا من نقلها إلى الأجيال القادمة، ووضعها في متناول العلماء عبر العالم، وفقا للمهام الأساسية لبرنامج أنظمة المعارف المحلية للسكان الأصليين الذي يهدف بالخصوص إلى ضمان إدراج تلك المعارف في التعليم الرسمي وغير الرسمي وإلى إدماجها في النقاشات والسياسات العلمية.

وتوجد طريقة واحدة لنقل هذه المعارف التي تشتمل على معلومات أساسية حول سبل العيش والصحّة والاستغلال المُستدام للموارد الطبيعية، ألا وهي اللغة. لذلك، فإن المحافظة على لغات السكان الأصليين  ـ ومن بينها عدد متزايد مهدّد بالانقراض ـ أمر حاسم، لا فقط من أجل الحفاظ على التنوّع اللغوي، وإنما أيضا التنوّع الثقافي والبيولوجي للعالم.

وإن كانت الشعوب الأصلية لا تُمثّل إلا 5% من سكان العالم، إلّا أنها تنطق بأغلبية لغات العالم التي يبلغ عددها 7000 لغة، وأنها «تمتلك، أو تحتلّ، أو تستغلّ 22% من مجموع أراضي العالم، وهذه النسبة تُمثّل بدورها 80% من التنوّع البيولوجي العالمي»، حسب ما جاء في كتاب مقاومة الارتياب، الصادر عن اليونسكو سنة 2012.

مع إعلان سنة 2019 سنة دولية للغات الشعوب الأصلية التي تم إطلاقها رسميا في اليونسكو يوم 28 يناير، تُؤكّد المجموعة الدولية عزمها على مساندة الجهود التي تبذلها الشعوب الأصلية للمحافظة على معارفها وللتمتّع بحقوقها. ومنذ إقرار إعلان حقوق الشعوب الأصلية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 سبتمبر 2007، تم تحقيق تقدّم كبير في هذا الاتجاه.

ورغم ذلك، فإن الطريق ما زالت طويلة حتى تتمكن الشعوب الأصلية من التخلّص من التهميش وتتجاوز العقبات العديدة التي تواجهها. إن ثلث الأشخاص الذين يعيشون في فقر مُدقع عبر العالم ينتمون إلى تجمّعات السكان الأصليين. وحسب فيكتوريا تاولي-كربوز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية، لا زالت التشريعات التي سنت لصالح الشعوب الأصلية في العديد من الدول متعارضة مع عدة قوانين أخرى، وخاصّة منها القوانين المنظمة للفلاحة، والأراضي، والمحافظة على الغابات، والصناعات الغابية والمعدنية.

في هذا العدد، تخصص الرسالة ملف زاوية كبرى للشعوب الأصلية يحمل عنوانا مُستلهما من مثل صيني: «عندما تشرب الماء، فكّر في النبع»، للتذكير بأن معارف السكان الأصليين هي منبع كل المعارف وتستحقّ أن توليها الحداثة مكانة بارزة. كما يمثل هذا الملف مساهمة في الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم، يوم 21 فبراير.

فانسان دي فورني وياسمينا شوبوفا