<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 10:51:36 Jun 11, 2019, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide
أفكار

حياة جديدة بفضل الهاتف الجوال

cou_04_18_mobile_web.jpg

غلاف كتاب طوق نجاة للتعلّم: استغلال التكنولوجيا للمساعدة على تعليم اللاجئين، نشرته اليونسكو بالإنجليزية سنة 2018.

تدل تجربة مجاهد عقيل، وهو لاجئ سوري مقيم في تركيا، على أن المبادرات المبتكرة في مجال التعلّم لما تنبع عن مجموعات المهاجرين ذاتها، تكون أكثر تلاؤما مع احتياجاتها، وأكثر قدرة على تيسير تنميتها وتعزيز استقلالية أفرادها، ومن ثم تكون  ناجعة أكثر.

 

بقلم كريستوف بيمر وفان هوهوا

عندما فرّ مجاهد عقيل من سوريا في سبتمبر 2012 خوفاً من الاعتقال، كانت أولى التحدّيات التي واجهها في تركيا، البلد المضيف، استحالة التواصل مع السكان الأتراك.

ويستحضر عقيل ذكرياته قائلا: «كان جهلي للغة التركية أمرا مؤلما للغاية: لم أكن قادرا على التعبير عن أبسط احتياجاتي لبدء حياة جديدة. على سبيل المثال، لما امتثلت أمام السلطات، لم أجد أحدا يتحدث العربية، ولم يبق لنا إلا التعبير بالإشارات لفهم بعضنا البعض». ولذلك، حالما حصل عقيل على هاتف محمول، بدأ يبحث عن تطبيق الترجمة ليستعين به للحصول على المعلومات حول وضعيته، وملء الاستمارات التي سبق له تصويرها.

بفضل كفاءته في البرمجة التي اقتناها خلال دراسته في الاعلامية بحلب وتجربته المهنية في تكنولوجيا المعلومات، تحصل عقيل على وظيفة في شركة مختصة في المعلوماتية. وبمساعدة زملائه وأصدقائه الأتراك، تمكّن من تعلّم اللغة في فترة وجيزة، كما تعلّم برمجة الهواتف المحمولة. وانطلاقا من تجربته كلاجئ حديث العهد، تبلورت في ذهنه فكرة تصميم تطبيق على الهاتف المحمول لمساعدة اللاجئين السوريين في الحصول على جميع المعلومات العملية والقانونية التي يحتاجونها للاستقرار وفتح صفحة جديدة في حياتهم.

وفي يناير 2014، أسّس عقيل بمعية صديق له شركته الخاصّة التي تحمل اسم نماء للحلول البرمجية، في مدينة غازي عنتاب بتركيا، على بعد خمسة وعشرين كيلومترا من الحدود السورية. وتسخّر هذه الشركة الناشئة مهاراتها في مجالي التقنية وتنظيم المشاريع في سبيل تطوير حلول رقميّة للهواتف المحمولة، لفائدة اللاجئين السوريين.

تلبية الاحتياجات، مفتاح النجاح

لم يكن من السهل إنشاء الشركة، إذ واجه عقيل عدة صعوبات منها «نقص التمويل وتصميم نموذج مستدام». ويعتبر عقيل أن «عامل نجاح المشروع يكمن في تلبية احتياجات حقيقية. كان اللاجئون السوريون يفتقدون لهذه المعلومات، وأصبحت الآن في متناولهم». فنمت الشركة الصغيرة بسرعة، وأصبحت تضم نحو خمسة وعشرين موظف، وازداد عدد تنزيل التطبيقات. ولا غرابة في الأمر باعتبار أن وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تستقبل ما لا يقل عن 3،5 مليون لاجئ سوري في تركيا، وفقا للأرقام الصادرة في 2018 عن كل من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والحكومة التركية.

وتقدر نسبة اللاجئين  المنتشرين في المدن الكبرى والذين يعيشون خارج المخيمات دون رعاية، بحوالي 94٪ من العدد الإجمالي. ويساعدهم التطبيق «غربتنا» لمشروع نماء للحلول البرمجية على تخطي العقبات للوصول إلى المرافق الأساسيّة مثل الرعاية الصحيّة والتعليم. كما يحتوي التطبيق على العديد من الأدوات ـ «فيديو»، «قوانين»، «العثور على وظيفة»، «تنبيهات»، «اسألني» ـ توفر الأجوبة لكل المسائل الهامة: مثل المشورة القانونية، وكيفية فتح حساب بنكي، والحصول على مسكن، وعروض التشغيل، وحتى دليل للأطباء المختصين. ويضيف عقيل: «هدفنا النهائي هو استفادة كل اللاجئين في جميع أنحاء العالم من هذا التطبيق».

ووفقًا للأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في يونيو 2018، يشهد العالم أعلى المستويات لنزوح الأفراد على الإطلاق. فمن بين 68،5 مليون نازح مرغم على النزوح في جميع أنحاء العالم، هناك ما يقارب 25،4 مليون لاجئ أكثر من نصفهم من الأطفال القصر.

ويوضح عقيل أن «هناك العديد من اللاجئين السوريين الذين ارتادوا المدارس من قبل ويرغبون في مواصلة  تعليمهم في المدارس والجامعات التركية، ولهذا السبب، من بين كل المواضيع التي يعرضها تطبيق "غربتنا"، فالموضوع الذي يجلب اهتمام أكبر عدد من المستخدمين هو مجال التعليم». يوفر التطبيق قائمة المدارس والجامعات التي يمكن للسوريين التسجيل فيها مع ذكر الشروط والشهادات اللازمة. تليه في المرتبة الثانية المجالات القانونية والقواعد التي يجب احترامها للاندماج في المجتمع، وفي المرتبة الثالثة منصة افتراضية تشاركية تحمل عنوان «قصّتي»، ينشر فيها اللاجئون قصصهم الشخصية ومشاغلهم اليومية.

اقتحام حاجز اللغة

نظرا لمعاناته الشخصية من حاجز اللغة، أطلق عقيل سنة 2016 خدمة «ترجملي لايف» (ترجملي على الفور) التي توفر للمستخدم اتصالا مباشرا وفوريا مقابل مبلغ زهيد (ليرة تركية واحدة أو 0،21 دولار في الدقيقة) مع مترجم بشري، غالباً ما يكون هو أيضا لاجئا سوريا يتقن اللغة التركية. وبذلك يوفّر مشروع نماء للحلول البرمجية في نفس الوقت فرص عمل للأتراك الذين يتقنون اللغة العربية. وقد أظهرت إحصائيات السنة الأولى من تشغيل التطبيق أن سبعة وسبعين مترجمًا مستقلاً قاموا اجماليا بترجمة أكثر من 37.000 كلمة خلال مدة زمنية تقدر بـ17.000 دقيقة، سواء شفويا أو خطيا. وقد تم تطوير التطبيق منذ إطلاقه بإدخال أكثر من 1500 مضمون من نصوص وفيديوهات، تغطي شتى المواضيع.

كما يتوفر تطبيق «غربتنا» على الإنترنت وفيسبوك. ويعتبر عقيل «أن صفحة الفيسبوك تمثل عنصرا هاما لأنها تسمح لنا بالتفاعل المباشر مع مستخدمينا».

ولم تضعف روح الابتكار لدى عقيل. ومن بين مشاريعه الجديدة التي هي في طور الإعداد، نذكر نظاما لإدارة التعلّم وبرنامج تكوين تفاعلي لفائدة اللاجئين السوريين، وكذلك منصّة تجارية لمساعدة السوريين على بيع المصنوعات اليدوية في الأسواق الدولية.

 

تنشر رسالة اليونسكو هذا المقال مساهمة منها في الاحتفال باليوم العالمي للمهاجرين في18 ديسمبر.

 

دونت قصّة عقيل في تقرير اليونسكو حلقة وصل حيوية بالتعلم: تسخير التكنولوجيا لتعزيز تعليم اللاجئين. يستعرض هذا التقرير الذي نُشر في مارس 2018، الوثائق المتوفرة والمشاريع التي تم إنجازها في مجال استخدام التكنولوجيا المحمولة في تعليم اللاجئين، لتحليل التحديّات التي يواجهونها.

كريستوف بيمر

باحث ومحاضر في المعهد العالي المتخصص في شمال غرب سويسرا، كريستوف بيمر (النمسا) مختص في التعليم الرقمي وإدارة المعارف في السياقات التربوية. ساهم في تأليف تقرير اليونسكو حلقة وصل حيوية بالتعلم: تسخير التكنولوجيا لتعزيز تعليم اللاجئين الذي نشر سنة 2018.

فان هوهوا

فان هوهوا (الصين) مسؤولة معاونة عن المشاريع في وحدة اليونسكو لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال التعليم، مكلفة بتيسير تنفيذ مشروع الشراكة بين اليونسكو وصندوق الأموال المودعة لمجموعة فايدونغ، المخصص للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق أهداف التنمية 2030 في مجال التعليم