<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 10:27:10 Jun 11, 2019, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide
زاوية كبرى

الحُقوق الخصوصية للشعوب الخاضعة للاستعمار

cou_04_18_barnes_web.jpg

الأجناس المهيمنة، عمل للفنانة مالالا اندريالافيدرازانا (مدغشقر)، أنجز بواسطة ملصقات تتألف من خرائط، وطوابع بريدية وأوراق بنكية ومواد أخرى تعود لعهد الاستعمار، وتُشكّل خارطة فنية لعالم اليوم.

بالنسبة للكاتب البريطاني ليونارد ج. بارنز (1895-1977) المتخصص في العلوم التربوية، «يوم تشرع الشعوب الخاضعة للاستعمار في وضع إعلان للحقوق، من المتوقع أن تتطابق مطالبها عُموماً مع مطالب الفئات الضعيفة التي عانت من الاضطهاد في كل أنحاء العالم، لكنها سوف تكون مرتبطة، بصفة أخص، بما سلّطه عليهم النظام الاستعماري.» هذا ما كتبه المؤلف في مقال يحمل عنوان «حقوق الشعوب غير المستقلة»، أرسله من لندن إلى منظمة اليونسكو في يونيو 1947، ردا على تحقيقها حول الأسس الفلسفية لحقوق الإنسان. مقتطفات.

 

بقلم ليونارد جون بارنز

يُمكن تعريف المُستَعْمَرَة بشكل عام على أنّها إقليم تؤدي تبعيّته الاقتصادية الى غياب الحقوق السياسية، وحيث يمكن أن يؤدي الحرمان من الحقوق السياسية بدوره إلى فرض قيود صارمة على الحريّات المدنية وإلى توسيع مصطلح «العصيان» بصفة غير معهودة  ـ خاصة عندما تعتبر السلطات المُستعمِرة أن الثقافة الأصلية متخلفة أو في مستوى أدنى ـ وحيث تنجر الأوساط الرسمية، خوفا من العصيان أو ما يشابهه من تحركات، إلى اعتماد مُمارسات قضائية وأمنيّة بالغة القسوة، قد تعتبر غير عادية في ربوع الدولة المهيمنة.

ونتيجة لذلك، فإن الشعوب الخاضعة للسلطة الاستعمارية، في مجملها ولا سيما ممثليهم الأكثر ثقافة وتعليما، تلازمهم، إلى حد كبير، سمات الإستياء والفساد المتولدة عن عجزهم السياسي. ولا يجب أن نغفل أن في ممارسة السلطة المطلقة فساد مطلق، وأن الآثار النفسية للعجز المطلق ليست أقل ضررا.

صرخات من أجل التقدم الاجتماعي

من الطبيعي أن نجد في النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان انعكاسا لخيبات أمل الذين قاموا بصياغتها. وإذا أريد للحق، بعد أن يتم إعلانه، ألا يبقى مجرد طموح خال من المعنى، وأن يتحول إلى «فكرة فعالة وأداة ناجعة»، فلا بد أن يعبر على المطالب الطبيعية للمُغتاظين والبائسين في المجتمع. ينادي العبد بـ«الحرية»، وضحية التمييز بـ«المساواة»، والمنبوذ بـ«الإخاء». أما أولئك الذين يستخدمهم رفاقهم كوسيلة بدلا من احترامهم كغاية فيصرخون «التقدم والإنسانية»، وصرخة العامل المكبوت بسبب البطالة أو من أجل شغل لا يرضيه فهي «الحق في الشغل». ويطالب الذين تدوسهم أقدام أصحاب الامتياز والسلطة الساعين لتعزيز امتيازاتهم بـ«برنامج اجتماعي». لذلك، فإن إعلانات حقوق الإنسان هي حليفة قوية للتقدم الاجتماعي، على الأقل حال صدورها. لأنّ التقدم الاجتماعي ليس إلا هو إعادة تنظيم المجتمع لصالح المحرومين.

ويوم تشرع الشعوب الخاضعة للاستعمار في وضع إعلان للحقوق، من المتوقع أن تتطابق مطالبها عموما مع مطالب الفئات الضعيفة التي عانت من الاضطهاد في كل أنحاء العالم، لكن هذه المطالب سوف تكون مرتبطة، بصفة أخص، بما سلّطه عليهم النظام الاستعماري. وفي الواقع، لما تكون الشعوب القابعة تحت سلطة المستعمر قادرة على التعبير عن سخطها بكل وضوح، فذلك يعني أنها واعية تمام الوعي بوضعها الاقتصادي الخصوصي حيث يرتبط حرمانها من المداخيل بتبعيّتها السياسية، وأنها واعية كذلك بالعلاقة العضوّية بين هذا الوضع وإنكار الحرّيات المدنية في الأراضي المُستَعْمَرَة. وعلاوة على ذلك، فهذه الشعوب على استعداد تام للتقيد بالشعار التقليدي للديمقراطية «حرّية، مساواة، إخاء»، لأنه تم استغلالها لفترة طويلة كوسيلة لتحقيق غايات غير غاياتها، ولأن هذه الشعارات مناسبة لإحراج السلطات الاستعمارية.

صبغة استعمارية

إلا أن هذه المشاعر والمواقف الفكرية المتنوّعة تكتسي في الواقع صبغة خاصة ـ وإن صح التعبير، ترتدي زي المستعمر ـ تتمثل في المطالبة بالمساواة في الحقوق مع مواطني الدولة المُسْتَعمِرَة، تعبيرا عن رفض ضحايا التمييز لهذه المعاملة التعسفية الشاملة.

ولهذا السبب، تميل الحركات التقدمّية صلب الشعوب الخاضعة للاستعمار لتشكيل حركات تحرير وطنية. إرادة التحرير لأن استيقاظ الضمير السياسي لدى تلك الشعوب يولد لديهم الوعي بأن الصلة الدستورية التي تربط بينهم وبين المستعمر إنما هي رمز الهيمنة الأجنبية ذاتها. وهي حركات وطنية لأن السلطة السياسية تعود للأمّة وحدها، وإذا لم تحرز تلك الأمم على السلطة السياسية، لن تستطيع كسر الروابط السياسية والاقتصادية مع المستعمر، ولا تولّي المهام الإدارية بعد الانفصال عنه.

وبالتالي، يجدر النظر إلى الشعوب الخاضعة للاستعمار على أنها كتل من الأفراد المقموعين  والمحبطين بسبب حرمانهم من أشكال معّينة من الامتيازات، وعلى أنها أمم ناشئة تكافح من أجل الحصول على المساواة في الحقوق مع الدول المستقلة، أي على الاعتراف بسيادتها على الصعيد الدولي. إن ما تطالب به هذه الأمم – ولا بد من التأكيد على هذه النقطة - يتعلّق بالمُساواة من حيث المبدأ وليس التطابق بين الوظائف الفعلية. كما أنها لا تطالب بالضرورة، بالحصول على السيادة الوطنية الكاملة، بالمعنى التقليدي للمصطلح. هي لا تقبل بالحد من سيادتها إذا فُرض عليها من طرف جهة خارجية، باعتباره تأكيدا لكونها في منزلة أدنى. وقد تقبل الشعوب الخاضعة للاستعمار بعض القيود، شريطة أن يكون ذلك بمحض إرادتها ولصالح منظمة دولية فعلية، وشريطة أن تكون متأكدة من موافقة أغلبية البلدان الحرّة الأخرى عن حسن نية.

هذا هو موقف الشعوب غير المستقلة، وهذه هي احتياجاتها أو حقوقها. وليس بالامكان تلبية تلك الاحتياجات بتدابير تشريعية، ولا ضمان تلك الحقوق بميثاق دستوري. لقد بُذلت في السابق محاولات عديدة لإرضاء مطالب جماعات أو مجتمعات متنوعة، بسن قوانين عامة غير ملموسة. لكن بما أنّه لا يمكن لأيّ مُشرّع أن يُقيّد المستقبل بقانون أبدي، بقيت تلك المحاولات حبرا على ورق. [...]

الصورة: مالالا اندريالافيدرازانا

 

ليونارد جون بارنز

كاتب وصحفي بريطاني واختصاصي في العلوم التربوية، ليونارد جون بارنز (1895-1977) ملتزم بمكافحة الاستعمار. اشتغل في مكتب المستعمرات البريطانية حيث جمع بيانات من مصدرها الأصلي حول النظام الاستعماري لجنوب أفريقيا، خلال إقامته  فيها كصحفي. من مؤلفاته أضواء على المستعمرات من المنظور السوفياتي (1944).