<
 
 
 
 
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 15:16:18 Sep 04, 2019, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

مشاركة حاملي التقاليد وممارسيها

المشاركون في الاجتماع الأول للجهات المعنية بمشروع المصرف المالي التقليدي
© Vanuatu Cultural Centre

صحيح أن الاتفاقية تترك للدول حرية اختيار طريقة حصر التراث الثقافي غير المادي إلا أنها تفرض شروطاً عدة، أهمها شرط مشاركة الجماعات.

وبما أن الجماعات هي التي تبدع التراث الثقافي غير المادي وتستبقيه حياً، فإنها تحتل موقعاً متميزاً في عملية صونه. إن الجماعات التي تقوم بممارسة التراث الثقافي غير المادي مؤهلة أكثر من غيرها لتحديد هذا التراث وصونه، ولذلك ينبغي إشراكها عندما يتم تحديد هذا التراث عن طريق عملية الحصر. ويذكّرنا تعريف الاتفاقية للتراث الثقافي غير المادي بضرورة اعتراف الجماعات أو المجموعات أو الأفراد بهذا التراث؛ فبدون اعترافهم به، لا يجوز لأي شخص أن يقرر عنهم أن شكل التعبير هذا أو تلك الممارسة هي جزء من تراثهم. فمن الطبيعي إذاً إلا تتم عملية الحصر دون مشاركة الجماعات أو المجموعات أو الأفراد المعنيين بالتراث الذي يجرى تحديده وتعريفه. وطبعاً، في بعض الأحيان، قد لا تتحلى الجماعات بالقدرة أو الإمكانات اللازمة للقيام بذلك بنفسها. وفي هذه الحالة، يمكن أن تسعى الدولة، أو وكالات ومؤسسات ومنظمات إلى مساعدتها على حصر تراثها الحي.

والتوثيق هو تسجيل التراث الثقافي غير المادي في أشكال مادية، بوضعه الراهن، وجمع الوثائق المتعلقة به. ويفترض التوثيق في غالب الأحيان اللجوء إلى شتى وسائل وأشكال التسجيل، وكثيراً ما تكون الوثائق محفوظة في المكتبات أو المحفوظات أو مواقع الويب، حيث يمكن أن تطلع عليها الجماعات المعنية والجمهور العريض. ولكن للجماعات والمجموعات أيضاً أشكالاً تقليدية من التوثيق، مثل كتب الأغاني أو النصوص المقدسة، أو عيّنات النسيج أو نماذج الكتب، أو الأيقونات والصور التي تُعتبر جميعها بمثابة تسجيل لأشكال التعبير والمعارف المرتبطة بالتراث الثقافي غير المادي. ويتزايد استخدام بعض الاستراتيجيات التي ثبتت فعاليتها في مجال الصون، مثل الجهود الابتكارية التي تبذلها الجماعات في سبيل التوثيق الذاتي والبرامج الرامية إلى استرداد أو نشر وثائق المحفوظات من أجل تشجيع الإبداع المستمر.

وتؤكد أيضاً المادة 13 (د)(2) أن الدول الأطراف يجب أن تضع دائماً نصب عينيها الممارسات العرفية التي تحكم الانتفاع بالتراث غير المادي. وفي بعض الحالات، قد يعني ذلك ألا تدرج أشكال معيّنة من التراث الثقافي غير المادي في قوائم الحصر، أو ألا تتاح للجمهور بعض أشكال التراث الثقافي غير المادي المدرجة في قوائم الحصر إلا تحت قيود معيّنة. وقد تقرر الجماعات مثلاً أن تحدّد في القوائم الجهات الأمينة على معارف معينة، بدلاً من تسجيل وثائق تفصيلية عن موضوعات حساسة. وتوفير المعلومات بشأن عنصر من عناصر التراث الثقافي غير المادي في قائمة حصر ييسّر الانتفاع بهذا العنصر. ووفقاً لروح الاتفاقية، ينبغي احترام إرادة الجماعات التي ترفض إدراج عنصر من تراثها الثقافي غير المادي في قائمة حصر.

وصحيح أن هناك عدداً من الدول التي تشرك بالفعل وبصورة مكثفة الجماعات الحاملة للتراث الثقافي غير المادي، ولكن الكثير من مشاريع إعداد القوائم لا تأخذ في الحسبان أحكام الاتفاقية المتعلقة بمشاركة الجماعات. وقد أعدّت هذه القوائم في غالب الأحيان منظمات وأفراد من خارج الجماعات، ولم توضع بغرض ضمان استدامة التراث الثقافي غير المادي على نحو ما تقتضيه الاتفاقية.

وتتحمل الدول الأطراف مسؤولية إجراء الترتيبات المؤسسية اللازمة لإشراك الجماعات في عملية إعداد قوائم الحصر. وقد تشمل هذه الترتيبات إنشاء أو تعيين هيئات إدارية مشتركة بين القطاعات تقوم بتقييم التشريعات القائمة ذات الصلة والمؤسسات ونظم الصون التقليدية، كما تقوم بتحديد أفضل الممارسات والمجالات القابلة للتحسين. وتتولى هذه الهيئات إعداد قوائم حصر التراث الثقافي غير المادي، ووضع السياسات الرامية إلى صونه، واتخاذ مبادرات للتوعية بأهمية التراث الثقافي غير المادي، وحفز مشاركة الجمهورفي عمليات حصره وصونه. كما تقوم الهيئة الإدارية عند الاقتضاء باستحداث تدابير صون ملائمة للتراث الثقافي غير المادي المدرج في قوائم الحصر. وقد تود أيضاً الدول الأطراف إنشاء هيئات تقدّم المشورة أو الخدمات الاستشارية وتضمّ ممارسين وغيرهم من حاملي التقاليد وباحثين ومنظمات دولية غير حكومية وعناصر من المجتمع المدني وممثلين محليين وغيرهم من الأطراف المعنية، فضلاً عن أفرقة دعم محلية تضمّ ممثلين من الجماعات وممارسين ثقافيين وغيرهم ممن يتحلّون بمهارات ومعارف معيّنة في مجال التدريب وبناء القدرات. ويمكن أن تُعد تدريجياً طرائق لحصر التراث الثقافي غير المادي وتحديد جميع الجهات الفاعلة المعنية وإشراكها في هذه العملية. ويجب أيضاً تحديد التداعيات الممكنة لعمليات الحصر، والإجراءات اللازمة لضمان قيام علاقة أخلاقية بين الجهات الفاعلة والممارسات العرفية التي تحكم الانتفاع بالتراث الثقافي غير المادي.

وينبغي أن تكون عملية الحصر عملية تفاعلية بين القمة والقاعدة تشارك فيها الجماعات المحلية والحكومات والمنظمات الدولية غير الحكومية. ومن أجل الوفاء بشرط مشاركة الجماعات، ينبغي للدول الأطراف تحديد الإجراءات اللازمة للقيام بما يلي:

  • تحديد الجماعات أو المجموعات وممثليها على نحو ملائم؛
  • ضمان ألا يحصر سوى التراث الثقافي غير المادي الذي تعترف به الجماعات أو المجموعات؛
  • تأمين الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة للجماعات أو المجموعات قبل الشروع في عملية الحصر؛
  • ضمان موافقة الجماعات عندما يشارك أفراد من غير أعضاء الجماعة؛
  • احترام العادات العرفية فيما يتعلق بالانتفاع بالتراث الثقافي غير المادي؛
  • إشراك الحكومات المحلية أو الإقليمية بصورة فعالة؛
  • اعتماد وتطبيق مدونة سلوك تراعي الدروس المستخلصة من الممارسات الجيدة حول العالم.
Top