<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 19:07:18 Nov 19, 2019, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

الكونغو : 76 تلميذا في قسم واحد

cou_04_19_wide_angle_congo_internet_site.jpg

يجلس المعلم ساتورنان سارج نغوما في غرفة التدريس المتواضعة في مدرسة لا بودريار بمدينة برازافيل.

ساتورنان سارج نغوما معلّم بالمدرسة الابتدائية بحي لا بودريار في برازافيل، بالكونغو. يتولّى يوميّا تدريس الهندسة والتصريف لعدد هائل من التلاميذ مرصوصين في صف واحد. كفاح يومي في مدرسة تفتقد لأدنى المتطلبات.

بقلم لوداس مارسيال مبون، صحافي كونغولي

 

في ساحة المدرسة الابتدائية بحي لا بودريار، خفتت أصوات الصراخ منذ بداية شهر يونيو، مع بداية العطلة المدرسية. ولم يعد يُزعج، من حين لآخر، سكينة هذه الظهيرة الصيفية سوى هدير محركات طائرات مطار برازافيل مايا-مايا المجاور الذي لا يفصل بينه وبين المدرسة سوى طريق مُعبّد بسيط وبعض المساكن.

قبل بضعة أسابيع، كان قسم السنة الأولى متوسط، وهي السنة قبل الأخيرة من التعليم الابتدائي، يغصّ كل صباح منذ الساعة السابعة بـ76 تلميذا – 27 فتى و49 فتاة. معلم هذا القسم يدعى ساتورنان سارج نغوما. يقول هذا الرجل طويل القامة، وهو يجلس تحت شجرة مانجا، مبتسما: «مع إضافة أطفالي الستّة، أكون قد اعتنيت بـ82 طفلا هذه السنة. أمر مُنهك...».

منذ انتداب المعلم في الوظيفة العمومية سنة 2017، تم تعيينه في هذه المدرسة الابتدائية التي تحمل اسم لابودريار أي مخزن البارود الذي كان موجودا في الحي -قبل الاستقلال. يقول ساتورنان: «أعتبر نفسي محظوظا»، مشيرا إلى البنايتين التي تتكون منها المدرسة، والمقسمة إلى ستة غرف تدريس مُحاطة بأعشاب عالية وحدائق خضروات. في الأيام الممطرة، تتحوّل أرض الساحة إلى طين لزج. ليس للمدرسة أبواب. وتجري الدروس طيلة السنة في غرف مفتوحة، تحت أنظار المارّة الذين يعبرون الساحة للذهاب من مكان إلى آخر في الحيّ.

الحيلة سيدة الموقف

تفتقر المؤسسة لأدنى المتطلبات. لا سور لها ولا مراحيض. في بداية السنة، وقبل الحصول على طاولات إضافية، كان يجلس أربعة تلاميذ على مقعد واحد، ويبقى الآخرون جالسين على الأرض. أمام هذا الفقر المدقع، أصبحت الحيلة سيدة الموقف. ويُوضّح المعلم بكل حسرة: «يأتي التلاميذ بقطع من الخشب حصلوا عليها من هنا وهناك،  ليجلسوا عليها. لم يكن الوضع سهلا بالمرّة».

كما أن التلاميذ مضطرون على تقاسم الكتب المدرسية المتوفّرة بقلة في المدرسة، فيتجمّعون ثلاثة أو أربعة حول نفس الكتاب للقراءة أو للقيام بالتمارين. ويزداد الوضع حدة نظرا للصعوبات التي يواجهها العديد من التلاميذ في الدراسة، وبالخصوص في ما يتعلق بتعلّم اللغة الفرنسية. «يستوجب التمرين على القراءة  كثيرا من اليقظة، لأن بعض التلاميذ، بسبب عدم تمكّنهم من اللغة، يقرؤون أشياء يخترعونها، خارجة تماما عن النص.»

وليس من السهل فرض الانضباط على مثل هذا العدد الضخم من التلاميذ. وللمعلم طرق خاصّة به حتى يبقى متحكما في الوضع. أولها تتمثّل في دعوة التلاميذ الأقل انضباطا إلى السبورة. «بما أنهم يخشون عدم التمكّن من القيام بالتمرين أمام الآخرين، فهم يخيرون تلافي تلك الوضعيّة. وأقوم بتسليط عقوبات على المشاغبين، مثل دعوتهم إلى تصريف الأفعال، وفي الحالات القصوى، أطلب منهم تنظيف ساحة المدرسة.»

ورغم هذه الظروف الهشّة، نجح 62 تلميذا من صف ساتورنان سارج نغوما في المرور إلى القسم الموالي في آخر السنة الدراسية. وهو فخور بحصول أحد تلاميذه على 12،5 كمعدّل عام، جعل منه أحسن تلاميذ المدرسة.

هذا المعلّم الحاصل على شهادة الماجستير في اقتصاد التنمية المستدامة، والبالغ من العمر 40 سنة، أتى إلى سلك التعليم مُتأخّرا، بعد أن اشتغل في شركات حراسة وأعطى دروسا في مؤسسات خاصّة. ومع ذلك، ورغم الظروف اليومية الصعبة والراتب الضئيل، فهو لا ينوي ممارسة مهنة أخرى.

في شهر سبتمبر القادم، سوف يسلك من جديد نفس الطريق الذي يأخذه يوميّا، بعد نصف ساعة من السير على الأقدام، من حيّ لافرونتيار حيث يقطن إلى مدرسة لابودريار. ويُلخّص غيلور، أحد تلاميذه القدامى، نصائح معلمه كالآتي: «كان السيد نغوما يقول لنا دائما بأنه لا يعرف كثيرا من الناس نجحوا في حياتهم دون المرور بالمدرسة».