<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 01:52:11 Sep 27, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

محمد سيدي باي: دور المعلّم إعادة الثقة في النفوس

cou_04_19_wide_angle_sierra_leone_1_internet_site.jpg

صورة مستخرجة من الشريط القصير «محمد سيدي بايك تعليم السلام»، من إنتاج المؤسسة التربوية ماي هيرو في الولايات المتحدة.

تيتّم محمد سيدي باي في الخامسة من عمره. وبعد أن تمّ تجنيده وهو لا زال طفلاً أثناء الحرب الأهلية في سيراليون، تمكن من الإفلات من هذا الوضع بفضل التّعليم. وبوصفه مدافعاً عن التعليم دون كلل، لا سيما في إطار الشراكة العالمية من أجل التعليم، يُبيّن ما يدين به لمعلّمة استطاعت أن تمدٌ له يد المساعدة.

أجرت الحوار أنياس باردون (اليونسكو)

 

لقد تم تجنيدك في سنّ مبكرة وأنت لا زلت طفلا. في أي سياق التحقت بالمدرسة؟

كان ذلك في عام 2002، أي قبل انتهاء الحرب في سيراليون بعامٍ واحد. وقد شاركت في برنامج منظمة اليونيسيف المعني بنزع السلاح وتسريح الجنود الأطفال وإعادة إدماجهم. وكنت أبلغ من العمر حينذاك حوالي عشر سنوات. ولم أكن قد تلقيت أي تعليم قبل ذلك. كل ما كنت أستطيع القيام به هو تلقيم بندقية كلاشنكوف من طراز معين. غير أن منظمة اليونيسيف ضمنت لي التعليم من خلال تزويد المدرسة الابتدائية التي التحقت بها بالكتب والأقلام والأدوات المدرسية. ولوْلا هذه الدفعة البسيطة، لتغيّر مجرى حياتي، دون أدنى شك، تغييراً تاماً عما هو عليه اليوم. لقد أثار الذهاب إلى المدرسة في نفسي حُب الإطلاع والتعلم، وما زال هذا الدافع يمثل بالنسبة لي القوة المحركة حتى اليوم.

بعد كل ما مررت به، كيف عشت أيامك الأولى في المدرسة؟

أول مرة تواجدت فيها في قاعة درس، كنت تائهاً. وكنت مستاءً. كنت أشعر أنني لست في المكان المناسب. ولكن الأهم هو أني كنت أشعر بالوحدة. الأطفال الذين كانوا معي في الصف والبالغون من العمر آنذاك عشر سنوات، كانوا يعرفون تهجئة أسمائهم، ويجيدون القراءة والكتابة والحساب. أما أنا فلم أكن أعرف أي شيء من كل ذلك. كان يغمرني الخجل والشعور بأني لست محل ترحاب بينهم. غير أني واصلت الجهد، ليس لأني كنت أدرك أهمية التعليم، بل لأن المدرسة كانت، رغم كل شيء، المكان الأكثر أماناً بالنسبة لي.

كيف كانت علاقاتك مع المعلمين؟

بما أني نشأت أثناء الحرب، كنت حذرا إزاء الكهول. وكلما التقيت بهم، كان همي الوحيد البقاء على أكبر قدر من التواضع أمامهم حتى لا أثير انتباههم. إن التواري عن الأنظار هو الوسيلة الوحيدة للنجاة من حرب أهلية. وفي البداية، لم تكن علاقتي بمعظم المعلمين علاقة جيدة. ذلك أن الغضب الذي كان يغمر نفوسهم نظراً لفقدانهم كل ما كانوا يملكون أثناء الحرب، إضافةً إلى شعوري بالإحباط إزاء ما فقدته أنا شخصياً وخوفي من الكهول، كانت من العوامل التي أفضت إلى تعقيد العلاقات معهم. حينها، استهوتني إلى حد كبير فكرة التخلي عن كل شيء.  

هل تتذكر مُعلماً على وجه الخصوص؟

عندما تكون واحدا من بين 80 تلميذا في مدرسة عامة في حيّ فقير، لا تعدو أن تكون إلا وجها من تلك الوجوه غير المميزة. ورغم ذلك، تأثرت بمُعلمة على مدى طويل. وكانت هذه المُعلمة تتميز عن غيرها لعدة أسباب. بما أنني كنت طفلاً بلا مأوى، كنت فارغ اليدين وقت الغذاء. ومن حين لآخر كانت تدعوني لمشاركتها وجبتها. أما في قاعة الدرس، لم تكن تطلب مني المجيء في مقدمة الصف حتى لا تعرضني لسخرية التلاميذ الآخرين بما أني لم أكن أعرف القراءة. 

ثم إن الصواب حالفها عندما جعلتني أجلس بجانب الفتاة الأكثر امتيازاً في الصف، وهي الفتاة التي أصبحت وصية علي. ورغم أن المُعلمة كانت تعرف نوعية حياتي خارج المدرسة، فإنها كانت تسألني دائماً عن أوضاعي اليومية. هي أدركت أني لا أحب المدرسة، لكنها تفادت ممارسة الضغط عليّ. وفعلا، بذلت قصارى جهدها حتى أشعر بالأمان. فقد فهمت أني لو شعرت بالارتياح، فإني سأواصل الحضور إلى المدرسة. وكانت محقة في ذلك. المعلم الجيد هو القادر على مثل هذا السلوك.

في رأيك، كيف يمكن للمعلمين التعامل مع أطفال يعانون من صدمات نفسية؟

كل الحروب لها نهاية. لكن آثار الجروح التي تخلفها في حياة النساء والرجال لا تمحي. المعلمون هم صانعو إعادة بناء المجتمع. ولا يتمثل عملهم في نقل المعارف فحسب، بل أيضاً في التثبت من إحساس الأطفال بالأمان. وعليهم أن يدركوا أن الأطفال الذين قاسوا مثلي آتون من عالم لم يتمكن فيه الكهول من حمايتهم، بل إن الكهول استولوا على طفولتهم وبراءتهم. إن أول ما يتبادر إلى أذهاننا عندما ندخل قاعة الدرس هو أنه لا يوجد معلمون، بل أشخاص كبار على استعداد لاستغلالنا مرة أخرى. ومن ثم، فإن دور المعلمين يتمثل في إعادة الثقة في أنفسنا. وفي البداية، ما يدفعنا للذهاب إلى المدرسة ليس الرغبة في التعلم أو فكرة النمو والتحول إلى مواطنين صالحين. وفي بعض الأحيان، كل ما كنت أحتاج إليه هو أن يجلس شخص بالقرب مني.

كيف يمكن مساعدة المعلمين في رفع هذا التحدي؟

يجب إتاحة الموارد اللازمة. في كثير من الأحيان، المعلمون الذين يمارسون عملهم في مناطق الحروب أو في مناطق ما بعد النزاع، لم يحصلوا على التدريب  لتأهيلهم لذلك. وبالفعل، لا يتمثل عمل هؤلاء المعلمين في نقل المعارف بقدر ما يتمثل في الاحتفاظ بالتلاميذ في المدرسة حتى نهاية العام الدراسي. وليس في مقدورهم إلهام التلاميذ، لا لأنهم يفتقرون إلى الخيال، بل لأن الحفاظ على الانضباط هو شغلهم الشاغل. ولهذا السبب، يجب توفير الوسائل - ولا سيما من خلال التدريب الملائم - التي تكفل للمعلمين أداء دورهم إزاء الأطفال الذين تعرضوا للمعاناة، على أحسن ما يرام.

المزيد من المعلومات: 

توفير تدريب أفضل للمعلمين لدعم الأطفال المصابين بصدمات نفسية

فيديو: محمد سيدي باي: تعليم السلام