<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 07:42:47 Sep 26, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زوم

في بلاد الأنهار المجنونة

cou_01_19_zoom_01_web.jpg

يُمثّل الصيد البحري أحد أهم موارد العيش لسكان القرى.

الصور:  بروتيك ساركر

النص: كاترينا مركيلوفا

 

اكتشف البنغالي  بروتيك ساركر، خلال السنوات 2000، لما كان تلميذا في التعليم الثانوي، رواية بادما ريفر بوتمان (بحّار نهر بادما) للكاتب مانيك بندوبادهيايا، التي تعد من روائع الأدب البنغالي للقرن العشرين. ولم تكن العلاقة  بين الإنسان والماء التي رسمها الكتاب غريبة عليه، تلك العلاقة الخصوصية التي تمثل في نفس الوقت مصدر رخاء بقدر ما هي مصدر هلاك. يعيش بروتيك ساركر، الذي وُلد في «بلاد الأنهار المجنونة»، مثل سائر أبناء بلاده الذين يبلغ عددهم 162 مليون نسمة،  على وقع مواسم الأمطار التي تتسبب في فيضانات تغمر ثلث الأراضي كل سنة، بين شهري مايو وسبتمبر.

لهذه الفيضانات آثار مُدمّرة على الأراضي والسكان، وتجرف الأنهار كل سنة تربة الأراضي الصالحة للزراعة على مساحة تقدر من 1.500 إلى 3.500 هكتارا*. لكن نفس هذه الفيضانات هي التي تزيد في خصوبة أراضي دلتا البنغال التي تتقاسمها البنغلاديش والهند. هي أراض سلِسة وراوية، مُتكوّنة من رواسب المجاري المائية البنغالية التي يبلغ عددها 230، مما يحث الفلاحين على البقاء على ضفاف الأنهار رغم المخاطر التي يتعرضون لها. وفي طريق العودة إلى الضفاف لإعادة بناء حياتهم من جديد بعد أن خسروا كل شيء، يردد الفلاحون أنشودتهم: «كان ملكا في الصباح، ليصبح متسوّلا في المساء».

انبهر التلميذ  بقدرة شعبه العجيبة على البقاء على تلك الأراضي التي تنبسط أو تتلاشى حسب هوى الفيضانات. وعندما أصبح مًصوّرا محترفا، بعد بضع سنوات، سلك بروتيك ساركر الطريق المحاذية لنهر باندا الضخم، وقد اختار كنقطة انطلاق الحدود الفاصلة بين بنغلاديش والهند، حيث تنصبّ مياه نهر الغانج  في النهر البنغالي.

وفي يوم 3 نوفمبر 2011، عند غروب الشمس، كان شاهدا على انهيار كتلة من الضفة وقد ابتلعها النهر: «فجأة، رأيت بأم عيني ما وصفته الرواية التي قرأتها عندما كنت في المدرسة». جدّت الحادثة  في أوبازيلا في إقليم إشواردي. ويُضيف ابن العاصمة دكا: «تأثّرت كثيرا بما شاهدته: ناس يفقدون مساكنهم، وأراضيهم، وكل ما يكسبون... ومع ذلك يبقون أقوياء ومُتفائلين». وظل يتردد على المكان طيلة سبع سنوات ليُنجز مجموعته الفوتوغرافية «أوف ريفر أند لوست لاندس» (أنهار وأراضي مفقودة).

ويُواصل بروتيك ساركر حديثه قائلا: «هي قصة الأماكن المندثرة. أردت أن تُظهر الصور شيئا من الحزن ومن الإحساس بالخسارة». وقد اقتصر على تصوير إشواردي حين عمّ الضباب سماءها في فصل الأمطار. « تُبيّن المجموعة مدى عجز البشر أمام الطبيعة. لكنها تُظهر أيضا الدورة الأبدية لعودة الحياة». في نهاية الفصل، تبرز على سطح الماء جزر مؤقتة يُطلق عليها اسم «شار»، وتستقبل الألاف من السكان الذين بقوا بدون أرض**.

تتفاقم شدة وقع العناصر الطبيعية يوما بعد يوم تحت تأثير التقلب المناخي، ويبدو أن السكان قد تكيفوا مع الوضع قدر المستطاع. وتبقى بنغلاديش عرضة لارتفاع المحيطات باعتبارها متكونة أساسا من سهول منخفضة. وهي من بين البلدان الأكثر هشاشة نظرا لِتكرر الأحداث المناخية القصوى وتفاقمها، واستفحال ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا، منبع أنهار الدلتا.

ويبقى التوازن الهش الذي يتراءى إلينا من خلال صور بروتيك ساركر، معرضا لعوامل قاسية.

 

تنشر رسالة اليونسكو هذا التحقيق المُصوّر بمناسبة اليوم العالمي للمياه، في 22 مارس.

*في سنة 2017، أُجبر حوالي 950.000 شخص على النزوح، بسبب الأحداث المناخية القصوى، حسب مركز رصد النزوح الداخلي.

** حسب المجلة الفرنسية «هوم إي مغراسيون» (بشر وهجرة)، يقدر عدد سكان هذه الجزر المؤقتة بخمسة ملايين نسمة.

 

موقع بروتيك ساركر الرسمي

أب يصطحب ابنه في إحدى الجزر المؤقتة وقد غزتها الأعشاب الملائمة لتربية البقر الحلوب.

بقيت الفتاة بريشتي وحيدة،بعد انتقال عائلتهاجرّاء الانجراف الذي أحدثته الأمطار.

غادر شوم ناث كومار قريته نهائيّا بعد أن خسر كل شيء.

بعد أن فقدت أرضها، وصلت هذه العائلة إلى إحدى الجزر المؤقتة التي طفت بعد الفيضانات.

رغم عدم امكانية التنبّؤ بمصيرها، تبقى هذه الجزر المؤقتة جذابة بالنسبة للفلاحين.

رجلان يسيران بحذر على طول  ضفة نهر منهارة.

العودة من المدرسة.