<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 00:57:18 Sep 27, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

الأحداث

هيلين بانكهورست: «الفكر النسوي يجري في عروقي»

cou_01_20_news_pankhurst_website.jpg

تظاهرة للحركة النسوية نون أونا دي ماني (لا لفقدان أي منكن) الذي تأسس سنة 2016 على إثر الحملة الأرجنتينية للتنديد بالعنف المسلطة على النساء وقتل النساء.

بعد سنتين من اندلاع حركة #ميتو في الولايات المتحدة للتنديد بالتحرش الجنسي، وبعد خمس وعشرين سنة من المؤتمر العالمي حول المرأة في بيجين، تُذكّرنا هيلين بانكهورست بمختلف التيارات التي عرفتها الحركة النسوية منذ قرن. فهيلين حفيدة ابنة إميلين بانكهورست وحفيدة سيلفيا. وتستعرض هنا مسيرة هاتين الشخصيتين التاريخيتين في الحركة الداعية إلى حق النساء في الاقتراع والتي حصلت على هذا الحق للنساء البريطانيات في أوائل القرن العشرين. 

 

بقلم هيلين بانكهورست

إن نضال النساء من أجل الدفاع عن حقهن في الاقتراع وفي المساواة في التمثيل السياسي، والذي بدأ منذ قرن، هو أبعد ما يكون عن حلقة من تاريخ قديم، وإنما ما زال في خضمّ الأحداث. بل هو يبدو اليوم في روح العصر في كل أنحاء العالم، كذكرى للمعارك الأولى التي كانت فيها جدّة والدتي تترأس الحركة. وها أن ملايين النساء ينزلن من جديد للشارع للتعبير عن معارضتهن لرؤساء الدول والحكومات الذين يتبنون سياسات رجعية علنية. 

إذا بقي الوضع يتطوّر بالنسق الحالي، فإنه لن يتم سدّ الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء في المملكة المتحدة قبل سنة 2069. لماذا انتظار كل هذا الوقت؟ لماذا فقدت 11% من النساء وظائفهن بسبب الحمل سنة 2015؟ لماذا وصل العنف الجسدي والجنسي المسلط على المرأة إلى نسبة ثلث النساء على المستوى العالمي؟

يختلف مسار النضالات النسائية من بلاد إلى أخرى. إلا أنها تلتقي في الكثير من الجوانب. وتظل أوجه اللامساواة والتمييز التي يتعرضن لها متجذرة في أنظمتنا السياسية والاقتصادية، وفي الثقافات والأديان، وفي ممارسة السلطة.

موجة جديدة

اليوم، مثلما كان الحال قبل 100 سنة، فإن الوحدة حول مسألة محددة هي التي تُميّز المرحلة. ويتعلق الأمر هذه المرة بالعنف المُسلّط في مكان العمل ليُمثّل الموجة الرابعة التي تحملنا حاليًا. هذه الموجة تتجسد بالخصوص في حركة #مي تو، التي ظهرت في الولايات المتحدة في أكتوبر 2017، والتي كانت لها تداعيات عبر العالم، من بينها علامات #واتاشيمو في اليابان و #بالانستونبور في فرنسا.

الأمر الأساسي حاليا، هو أن الأصوات التي ترتفع ضد المعايير الاجتماعية التمييزية تُحدث اليوم تغييرات هيكلية على الصعيدين الوطني والعالمي. فبعد سنوات من الجهد، تم أخيرًا اعتماد اتفاقية حول العنف والتحرش من طرف منظمة العمل الدولية في يونيو 2019 وستكون علامة فارقة. ولم يبق الآن الّا الحصول على المصادقة عليها.

إجمالا، توضح هذه الموجات، أولاً وقبل كل شيء، الاعتراض على الإبقاء على الوضع الراهن والنضال من أجل التغيير في العقليات وفي السلوكيات الفردية، ولكن أيضًا التغيير على المستوى السياسي.

استعارة عبارة الأمواج لوصف الفكر النسوي تم استعمالها بأثر رجعي، وفرضت نفسها كوسيلة بسيطة لشرح تقلب الطاقات والأولويات بمرور الزمن.

تعتبر الشبكات الاجتماعية، تلك الأداة التي تُستعمل للقمع ولكن أيضا للتحرّر، من الخصوصيات المُميِّزة للموجة الرابعة. وهي تدرك تمام الإدراك – كما تحدده وظيفتها – المستويات المختلفة للامتيازات أو الضعف التي يتّسم بها وضع كل امرأة، أكثر من إدراكها للاختلافات السياسية المحتملة بين النساء.

عبارة «تعددية الوظائف»، التي أحدثها كيمبرلي كرينشو، هي التي تجعلها في صلب المشكلة، وتفرض الاعتراف بالفوارق المتعلقة بالسن والحالة الإنجابية والطبقة واللون والتوجه الجنسي أو الإعاقة، علاوة عن الفرق في الجنس.

إلى جانب دفاعهن عن المبادئ النسوية، تقوم القائدات بالدفاع عن قضايا أخرى، كما هو الحال في الموجة الحالية بالنسبة لقضية بلاك لايفز ماتر («حياة السود لها قيمتها»)، وهي الحركة العالمية التي أطلقها الأفارقة-الأمريكيون في الولايات المتحدة، أو قضية الحركة البيئية التي بعثتها الشابة السويدية غريتا ثونبارغ.

توجد أيضا فترتان في السنة مرتبطتان ارتباطًا وثيقًا بالحركة النسائية العالمية. يوم 11 أكتوبر، اليوم العالمي للطفلة، يذكرنا كل سنة بالقيود التي تواجه الفتيات واستحالة حصولهن على أدنى حضور في السياسات والقرارات، بما في ذلك تلك التي لها أكبر تأثير على وجودهن.

أما الفترة الأساسية الأخرى في التقويم النسائي العالمي فتمتد من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر، وتهدف إلى القضاء على العنف ضد المرأة. وهي تُسلط الضوء في نفس الوقت على المشاكل الراسخة والنضال المستمر ضد العنف الجنسي وغيره من أشكال الاعتداء الجنسي. ويعود النشاط النسائي دائمًا، بشكل أو بآخر، إلى العنف الذي تتعرض له النساء - نتيجة لعجزهن السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

التصويت، مفتاح كل التغييرات

انطلقت الموجة الأولى، في مطلع القرن العشرين، من المطالب النسائية للقرون السابقة. وقد عالجت العديد من المشاكل: الحق في التعليم وفي الشغل، والمعايير الجنسية المزدوجة، والاتجار بالنساء، والعنف القائم على النوع الجنسي، ومكافحة الإدمان على الكحول، والمظاهرات السلمية والمناهضة للاستعمار. ومع ذلك فإن هذه الموجة التأسيسية  عُرفت بالخصوص بحملاتها لصالح المواطَنة، والحق في التصويت، والحق في الترشح إلى البرلمان: كان الانتخاب يعتبر آنذاك مفتاح كل التغييرات الأخرى.

في المملكة المتحدة، كانت المعركة الأولى شرسة بشكل خاص. جدتي الكبرى إميلين بانكهورست هي التي حثّت على قيام حركة النساء المُطالبات بحق الاقتراع التي انطلقت في مانشستر سنة 1903، وهي التي قادتها. وقد أصبحت رمزا عالميا للمقاومة النسائية. كان هناك مئات الآلاف من المتظاهرين، معظمهم من النساء، ولكن كانت هناك أيضًا هجمات على الممتلكات، فسُجن الآلاف من الأشخاص، وأُطعموا بالقوة، وماتوا من أجل القضية. كقائدة للحركة، فإن شجاعة إميلين وعزيمتها ورؤيتها للمساواة بين الجنسين ما زالت تُلهمنا، رغم أنها بقيت شخصية مثيرة للجدل، حتى بين مؤيديها.

ابنتها الثانية، سيلفيا (1882-1960)، جدتي، كانت في خلاف متزايد مع الطريقة التي قادت بها والدتها الحركة: كانت تنتقد سلطتها الاستبدادية واهتمامها الواضح بالنساء الميسورات وبالنضال. وكانت ترى أيضًا أن الحملة من أجل حق التصويت يجب أن تكون مصحوبة باستراتيجيات لدعم الكفاح اليومي للعاملات.

في زمن لم يكن  يتمتع فيه العديد من العمال بالحق في التصويت، كانت سيلفيا تُشدّد على أهمية الاقتراع العام، وكانت داعيةً متحمسة للسلام قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية. وبعد غزو موسوليني لإثيوبيا، اعتنقت هذه القضية الجديدة وذهبت للعيش في تلك البلاد حيث نُظّمت لها جنازة وطنية.

إن الانقسامات التي حصلت صلب عائلتنا تعكس نظرة للسياسة تتّسم أحيانا بطابع شخصي إلى حد بعيد، كما تعكس الانقسامات التي ميزت تاريخ حقوق المرأة.

أما الموجة الثانية من الحركة النسائية فقد ركّزت، منذ الستينيات، على الحقوق الاقتصادية مثل المساواة في الأجور أو رفض الترتيب الهرمي الذي يدفع بالنساء إلى الوظائف ذات الرواتب المتدنية. فيما قامت الموجة الثالثة، بعد 30 سنة، بنضالات من أجل الحرية الجنسية وحرية الاختيار. وقد اتّسمت تلك الفترة أيضا بالتزامات أكبر من طرف الحكومات أو بين الحكومات في اتجاه المساواة بين الجنسين، كما سُجّل خلال هذه الفترة تنظيم مؤتمرات الأمم المتحدة العالمية المعنية بالمرأة.

تأثيرات شخصية

نساء عائلة بانكهورست كنّ نساءً غير عاديات في زمنهن، لكن ماذا كان تأثيرهن عليّ، أنا امرأة القرن الحادي والعشرين؟ من المؤكد أنني تأثرت بالأفكار التي استلهمتها بالضرورة من الاختلافات العائلية في وجهات النظر، وبحكم نشأتي في إثيوبيا. وقد استخرجت من أطروحتي، سنة 1992، كتابًا عن المرأة الإثيوبية بعنوان «جندر، ديفلوبمنت أند إيدنتيتي» [النوع الاجتماعي والتنمية والهوية].

في السنة الماضية، وجّهت اهتمامي إلى النساء البريطانيات من خلال كتاب «ديدز نوت ووردز: ذي ستوري أوف وومانز رايتس، ذان أند ناو» [ أفعال وليس كلمات، تاريخ حقوق النساء بين الأمس واليوم].

وإذا كان الفكر النسوي يجري في عروقي، فإنني مقتنعة تمامًا أيضًا بقدرة التضامن والعزيمة التي تنشأ في التظاهرات. فالاحتفال بالحركة النسائية العالمية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وفعاليات مارش4ويمين (المسيرة4النسائية) في لندن على وجه الخصوص يُعتبران منذ مدّة طويلة من التواريخ الهامة في برنامجي السنوي. 

وسوف أنزل للتظاهر هذه السنة، يوم 8 مارس، مثلما قامت وتقوم به العديد من النساء عبر العالم رافعات لافتاتهن عاليا. والطريق ما زالت طويلة.

المزيد من المعلومات: 

ملفات خصصتها رسالة اليونسكو للنساء

الصور: تغيير مستقبل النساء في مانشستر الكبرى، مع المصور الفوتوغرافي كارل مانسينس.

هيلين بانكهورست

كاتبة ومناضلة في مجال حقوق الإنسان، هيلين بانكهورست مستشارة لدى منظمة كير الدولية، وأستاذة بجامعة مانشستر (المملكة المتحدة)، ورئيسة جامعة سوفولك. تقضي وقتها بين إثيوبيا والمملكة المتحدة.