<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 02:29:13 Sep 27, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

Editorial

الافتتاحية

نخصص ملف زاوية كبرى إلى موضوع الإذاعة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة في 13 فبراير.

 

هل ولّى زمن الإذاعة؟ هل قُبرت هذه الوسيلة الإعلامية التي دخلت بيوتنا منذ ما يُقارب القرن؟ أبدا. صحيح أن ترانزيستور الأمس لم يعد مفيدا، والاستماع المتواصل بالأذن الملتصقة بالجهاز طبع زمانه. لقد بدأت الإذاعة تحوّلها الرقمي، وهي لا زالت مسموعة بنفس القدر، وربما أكثر من ذي قبل، بواسطة الهاتف الجوّال أو الحاسوب، كما تُنتج برامج متوفّرة عند الطلب – في قالب بودكاست، أي تسجيلات إذاعية تنزلها على المواقع الإلكترونية – وقد ساعدت عمليات البودكاست كثيرا على تجديد الإذاعة ونشرها. بل أصبح بالإمكان مشاهدتها على الإنترنت عندما تكون البرامج مسجلة بالصوت والصورة. كما أن المستمع تطور هو الآخر. فبعدما كان بالأمس مستسلما وراء جهازه، أصبح بإمكانه اليوم التدخّل أثناء بث الحصص، بل حتى المساعدة على تكييف البرامج بالتعبير عن آرائه عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

هي إذن وسيلة إعلام مختلفة، لكنها دائما حيّة، تلك التي نحتفل بها كل سنة في 13 فبراير بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة. لقد تم الإعلان عن ذلك اليوم سنة 2011، للتذكير بالدور الأساسي لهذه الوسيلة الإعلامية التي تصل إلى جمهور واسع حتى في المناطق الأكثر عزلة أو التي تواجه حالات الطوارئ. ولقد اعتمدت اليونسكو، منذ إنشائها، على هذه الوسيلة الإعلامية الأساسية لتجعل منها ركيزة في مهمتها من أجل تعزيز حرية التعبير وحرية تلاقح الأفكار عبر العالم.

وقد زوّدت المنظمة إذاعات في جميع أنحاء العالم ببرامج جاهزة للبث، كما قدّمت المساعدة في حملات إعلامية إذاعية، مثل تلك التي وفّرتها سنة 2016 حول فيروس زيكا في أمريكا اللاتينية وفي الكاريبي. وما زالت، حتى اليوم، تواصل تأمين تدريبات على التنشيط والتحقيقات الإذاعية، كما فعلت منذ سنة 2014 لفائدة اللاجئين السوريين الشبان في لبنان. وهي تدعم أيضا إنشاء إذاعات مجتمعية أو محطات تبث في أعقاب الكوارث الطبيعية.

موضوع اليوم العالمي للإذاعة هذه السنة هو التنوع. وهي مسألة شائكة، إذ أن تمثيل النساء على موجات الأثير، وكذلك الأقليات أو الأشخاص ذوي الإعاقة، غير مرضٍ. صحيح أن العهد الذي كانت فيه المرأة الصحافية مضطرّة للتخلّي عن موقعها لصالح صوت ذكوري بوصفه يحظى بمصداقية أكبر، قد ولّى. لكن التحدي يبقى قائما. 

إن الافتقار إلى الإحصائيات في العديد من الدول يحول دون رسم خريطة عالمية للتنوع في الإذاعة، لكن البيانات المُتوفّرة مُعبّرة بالقدر الكافي. ففي فرنسا، كان حضور النساء على الهواء سنة 2018 يُقدّر بنسبة 37 %، وكانت حصة الضيفات السياسيات 23% ونسبة الخبيرات 37% (المجلس الأعلى للاتصال السمعي والبصري، 2019). أما في المملكة المتحدة، فإذا كانت الإذاعة تُوظّف النساء بنسبة 51%، فإن 36% فقط منهن يشغلن مناصب المسؤولية (هيئة الاتصالات، 2019). مثال آخر: في الولايات المتحدة ، كانت غرف الأخبار الإذاعية سنة 2017 تضم 11% فقط من المنحدرين من الأقليات (جامعة هوفسترا، 2018).

من المهم أن تعكس الإذاعة اهتمامات الجماهير التي تخاطبها بشكل أكثر عدالة، لأن التنوع في الإذاعة هو مفتاح الإعلام العادل والمستقل. كما أنها وسيلة لإيصال أصوات تُعبّر عن تنوّع الثقافات والآراء التي تصقل الفكر النقدي.

رغم التطورات التي شهدتها في السنوات الأخيرة، تبقى الإذاعة ذلك الصوت الذي لا يمكن تعويضه والذي يُؤثّث وحدتنا ويُشعرنا بأنه يتحدث إلينا وحدنا في حين أنه يتحدث إلى جموع مُتعدّدة. ففي عالم غزته الشاشات، «يبدو من المفارقة أن تستفيد الإذاعة بما ليس من خصوصيتها: الصورة» ، كما لاحظت رسالة اليونسكو في افتتاحية العدد الذي خصصته للإذاعة في فبراير 1997. وهي ملاحظة لم تفقد شيئا من مغزاها رغم مرور الزمن. «إن الميزة الرئيسية للصورة التليفزيونية - الظهور كنسخة من الواقع – هي التي تُمثّل عيبها الرئيسي: ذلك السحر الذي يكبح خيالنا ويحدّ من قدرتنا على أخذ المسافة من الأشياء. هذا هو السبب الذي يجعلنا سنحتاج دائمًا إلى صوت خالٍ من الصورة حتى يبقى لنا الحق في أن نحدد بأنفسنا، كل صباح، المعنى الذي يجب أن نعطيه لأخبار العالم.»

أنياس باردون

 

اطلع على مقالات أخرى نشرتها رسالة اليونسكو حول الإذاعة.