<
 
 
 
 
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 06:31:43 Dec 15, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي، بما فيها اللغة، بوصفها وسائل لنقل التراث الثقافي غير المادي

يشمل مجال «التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي » مجموعة متنوعة جداً من الأشكال المحكية، منها الأمثال والأحاجي والحكايات وأغاني الأطفال وقصص البطولات والأساطير والأغاني والقصائد الملحمية والتعويذات والصلوات والأناشيد والأغاني والعروض المسرحية وغير ذلك. وتُستخدم التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي لنقل المعارف، والقيم الثقافية والاجتماعية، والذاكرة الجماعية. وهي تؤدي دوراً شديد الأهمية في الحفاظ على الثقافة نابضة بالحياة.

وبعض أنواع التعبير الشفهي شائعة يمكن أن تستخدمها جماعات بأكملها، في حين أن أنواعاً أخرى تقتصر على فئات اجتماعية محددة قد تكون الرجال دون النساء أو النساء دون الرجال، أو المسنين فقط. وفي كثير من المجتمعات، يعتبر أداء التقاليد الشفهية مهنة عالية التخصص، وتنظر الجماعة للمؤدين المحترفين بكثير من الاحترام باعتبارهم حُماة الذاكرة الجماعية. ويمكن العثور على هؤلاء المؤدين في شتى الجماعات المنتشرة في جميع أنحاء العالم. وصحيح أن صيت الشعراء والرواة ذائع في المجتمعات غير الغربية، من قبيل مجتمعات الغريوت والدْيِللي في أفريقيا، إلا أن هناك تقاليد شفهية غنية في أوروبا وأمريكا الشمالية أيضاً. ففي ألمانيا وأمريكا الشمالية مثلاً، هناك المئات من الرواة المحترفين.

أغاني “الهدهد” لجماعة إيفوغاو للمزيد من المعلومات بشأن العنصر
© Renato S. Rastrollo / NCCA -ICH /UNESCO

ونظراً إلى أن التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي تنتقل بالكلمة المحكية فإن أسلوب روايتها كثيراً ما يختلف. فالقصة هي عبارة عن مزيج – يختلف باختلاف نوعها
وسياقها ومؤديها – من النسخ والارتجال والإبداع. وهذا المزيج يجعلها شكلاً من أشكال التعبير الحي المتنوع، لكنها في الوقت نفسه هشة تستند في استمراريتها إلى سلسلة متواصلة من التقاليد المتوارثة عبر أجيال المؤدين.

ومع أن اللغة تُدعِّم التراث غير المادي لكثير من الجماعات، فإن حماية فرادى اللغات وصونها لا يدخل في نطاق اتفاقية عام ٢٠٠٣ ، مع أن المادة ٢ تشير إلى اللغات باعتبارها واسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي. واللغات المختلفة تتحكم في كيفية رواية القصص والأشعار والأغاني كما تؤثر في مضمونها. ويقود اندثار لغة ما حتماً إلى فقدان دائم لما لديها من تقاليد شفهية وأشكال تعبير شفهي. إلا أن أشكال التعبير الشفهي هذه نفسها وممارساتها العلنية هي التي تساعد في صون اللغة وليس القواميس وكتب النحو وقواعد البيانات. فاللغات تعيش في الأغاني والقصص، وفي الأحاجي والأشعار، ولذا فإن الصلة وثيقة قوية بين حماية اللغات وتناقل التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي.

الحكاية الفلسطينية للمزيد من المعلومات بشأن العنصر
© Rafi Safieh

وعلى غرار أشكال التراث الثقافي غير المادي الأخرى، فإن التقاليد الشفهية معرضة للخطر نتيجة التوسع الحضري السريع والهجرة على نطاق واسع والتصنيع والتغير البيئي. فالكتب والصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والإنترنت كلها يمكن أن تترك أثراً يضر بالتقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي. ويمكن لوسائل الإعلام الحديثة أن تُحدث تغييرات كبيرة في أشكال التعبير التقليدي الشفهي، بل أن تحل محلها بالكامل. فالقصائد الملحمية التي كان إلقاؤها في الماضي يستمر عدة أيام قد تخفَّض مدتها إلى بضع ساعات، كما أن أغاني الغزل التقليدية التي كانت تؤدى قبل الزواج يمكن أن يستعاض عنها اليوم بالأقراص المدمجة أو ملفات الموسيقى الرقمية.

أما الجانب الأهم من عملية صون التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي فهو الحفاظ على دورها في حياة المجتمع اليومية. ومن الضروري أيضاً أن تدوم فرص انتقال المعرفة من جيل إلى آخر، من ذلك مثلاً فرص تفاعل المسنين مع الصغار والشباب ونقل القصص في بيئتي المنزل والمدرسة. وكثيراً ما تشكل التقاليد الشفهية جزءاً هاماً من المناسبات الاحتفالية والاحتفالات الثقافية، وربما ينبغي الترويج لها وتشجيع السياقات الأخرى من قبيل مهرجانات رواية الحكايات لتمكين العمل الإبداعي التقليدي من إيجاد طرائق جديدة للتعبير. وينبغي لتدابير الصون، انطلاقاً من روح اتفاقية عام ٢٠٠٣، أن تركز على التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي ولكن ليس بوصفها منتجات وإنما باعتبارها عمليات تتمتع فيها الجماعات بحرية استكشاف تراثها الثقافي.

كما يمكن للجماعات والباحثين والمؤسسات استخدام تكنولوجيا المعلومات للمساعدة في صون التقاليد الشفهية بكاملها والحفاظ على غناها، بما في ذلك تنوع النصوص وتباين أشكال الأداء. ويمكن اليوم تسجيل خصائص التعبير الفريدة من قبيل التنغيم، وعدد كبير جداً من الأنماط المختلفة، على وسائط سمعية أو فيديوية، وكذلك شأن التفاعل بين المؤدين والمتفرجين والعناصر غير اللفظية من القصص، بما في ذلك الحركات والإشارات. ويمكن استخدام وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية لحفظ التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي، بل لتعزيزها، عن طريق بث العروض المسجلة أمام الجماعات التي تمارس هذه التقاليد وجمهور أوسع نطاقاً.

Top