<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 18:47:30 Oct 01, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

الأحداث

أسلاك بحريّة لإنقاذ الأرواح

cou_03_17_smart_cables_02.jpg

مكرر بصري مثبت على سلك بحري في عمق المحيط.
لنتخيّل أجهزة للإستشعار البيئي مثبتة في قاع المحيطات، بين الواحد والآخر مسافة ستين كيلومترا، تقوم بتزويدنا بالبيانات التي نحن بأمّس الحاجة إليها لفهم المخاطر الطبيعية مثل التسونامي والتغيّرات المناخية. قد يصبح قريبا هذا الخيال واقعا، بفضل أسلاك «سمارت» وهي شبكة عالمية للتزويد الفوري بالبيانات المفيدة للتخفيف من حدّة الكوارث.

بروس هاو وكايت بانايوتو

يتكوّن العمود الفقري للبنية التحتية للاتصالات السلكية العالمية من أسلاك بحرية  تمتدّ على مدى مليون كيلومترا وتشكل منظومة ضرورية للتجارة والمالية ووسائل الإعلام الاجتماعية والترفيه والتعبير السياسي والعلوم، وهي الركيزة الأساسية لشبكة الإنترنت. وموثوقية هذه البنية التحتية هامة للغاية: إن أصابها خلل، تعطّل الإقتصاد الوطني لكافة الدول.
ويمكن لنفس هذه الأسلاك البحريّة أن تُسخّر لجمع البيانات حول أعماق البحار وقاع المحيطات، لتوفير المعلومات المتعلقة بمسائل بيئية متنوعة. تتأثر المحيطات والمناخ بتقلبات عالمية مثل ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع مستوى البحار ونسبة حموضتها، ولهذه  الظواهر تأثير على كل فرد منا، في الحاضر والمستقبل.
ويشتمل نظام الاتصالات القياسي على سلك كهرو- بصري مثبت في قاع البحر كل ستين كيلومترا تقريبا، ومجهّز بمكرّرات بصريّة. إذا أضفنا أجهزة استشعار بيئية إلى هذه المكررات، لتمكّنا من النفاذ بصفة فورية إلى شبكة عالمية توفر البيانات المفيدة للتعامل مع التهديدات البيئية وللتخفيف من الكوارث.
إن استخدام نظام الإنذار المبكر لأمواج التسونامي من شأنه أن ينقذ الكثير من الأرواح ولذلك فإن قيمته لا تقدّر بثمن، ولا سيّما بالنسبة للبلدان النامية، حيث لا تتوفر التغطية الشاملة والموثوقة لجميع المناطق. فموجات التسونامي غالبا ما تصل إلى الشواطئ في أقل من ثلاثين دقيقة مباشرة بعد الزلازل البحرية، وفي تلك الحال، لكل دقيقة قيمتها.
ولإنجاز هذا المشروع، تشكل في عام 2012 فريق العمل المشترك بين ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة، وهي الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية والمنظمة العالمية للرصد الجوي واللجنة الحكومية الدولية للمحيطات التابعة لليونسكو. ويسعى الفريق لدمج أجهزة استشعار للرصد البيئي في أنظمة الأسلاك البحرية العابرة للمحيطات.


شحن مكرر بصري (في السلة الخشبية) فوق جسر السفينة حاملة الاسلاك بيار دو فارما، التابعة لأورونج مارين، فرنسا

مبادرة دولية

تهدف هذه المبادرة التي يطلق عليها اسم «كابل سمارت» (الأسلاك الذكيّة) إلى استغلال الشبكة الشاسعة من الأسلاك البحريّة الموجودة حاليا، لتحويلها إلى «أسلاك خضراء» متناسقة مع البيئة.
ولهذا الجهد بعد دولي بأتمّ معنى الكلمة، إذ يتألف فريق العمل المشترك من خبراء (بعضهم متطوّع) من عشرات البلدان ومن 80 منظمة علمية، ومن ذوي الخبرة في إدارة أنظمة الرصد، ومن مؤسسات صناعية ووكالات حكومية وجهات راعية. ووجه فريق العمل المشترك نداء إلى القطاع الخاص والحكومات والعلماء والمؤسسات الخيرية وجمهور مستخدمي شبكة الإنترنت لمزيد من الوعي بالحاجة الماسة لمثل هذه الشبكة ولاغتنام هذه الفرصة الاستثنائية لاتخاذ إجراءات متضافرة لتصبح هذه الشبكة حقيقة واقعة في خدمة الإنسانية.
يتطلب تركيب أسلاك «سمارت» الوصول إلى قاع المحيطات وأعماق البحار، والقطاع الخاص للاتصالات هو الوحيد الذي يملك  هذه القدرة. لكن بعبورها قاع المحيطات العالمي، تتجاوز الأسلاك العديد من الحدود الوطنية، مثيرة بذلك مجموعة من التعقيدات القانونية والتقنية والمالية.
ولذلك وجب إنشاء شراكات جديدة غير مسبوقة ليدخل مشروع «كابل سمارت» حيز التنفيذ. إن التزام القطاع الخاص، بما في ذلك شركات تزويد خدمات الإنترنت التي بدأت تستثمر حديثا في الأسلاك البحرية، من شأنه أن يساعد على المعالجة المباشرة للمسائل المالية والقانونية وعلى حل مشكلة الحصول على التراخيص.

منهج توافقي

وبفضل سلسلة من الاجتماعات وورشات العمل جمعت علماء أكاديميين وخبراء حكوميين وممثلين عن قطاع  الاتصالات السلكية واللاسلكية، تبلور موقف توافقي حول ضرورة تذليل العقبات التي تواجهها منظومة «كابل سمارت». كما يجري حاليا توثيق المراجع حول الاحتياجات العلمية والمجتمعية، في حين خلصت دراسة الجدوى التقنية وتم وضع الإطار القانوني اعتمادا على اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار.
لا يستخدم حاليا سوى جزء صغير من أسلاك الاتصالات لأغراض علمية. وتوجد نظم مراقبة بيئية للمحيطات تملكها وتستغلها بعض المؤسسات الأكاديمية والوكالات الحكومية لكنها تغطي مسافات قصيرة ولا تستخدم إلا في إطار البحوث العلمية.
وقد تم عرض مفهوم لنظام نموذجي يتناسب مع البيئة المائية، كبرهان على قابلية منظومة «كابل سمارت» للنشر وللاستغلال على المدى المتوسط. كما تم اقتراح نظام نموذجي يربط بين عدة جزر في جنوب المحيط الهادئ.
وبفضل التقدم التكنولوجي، أصبح من الممكن إضافة أجهزة استشعار بسيطة على المكررات الموجودة في أسلاك الاتصالات البحرية كل 50 أو 70 كم وتكون التكلفة في تلك الحالة أقل بكثير من تكلفة انجاز شبكة جديدة من الأسلاك. وتبلغ تكلفة اضافة جهاز استشعار واحد حوالي 200 الف دولار، فتكون بالتالي تكلفة نظام متواضع مثل المشروع النموذجي المقترح أقل من 10 ملايين دولار، لمدة صلوحية تقارب 25 سنة.
ولا توجد حاليا أية شبكة للاتصالات تهتم بالمحيطات. وبالتالي يمكن للبيانات التي توفرها أسلاك «سمارت» من أعماق المحيطات أن تسدّ فجوة رئيسية في معارفنا. لقد حان الوقت للإعداد لمستقبل يعتمد على  شبكات «سمارت».

تنشر رسالة اليونسكو هذا المقال في إطار اليوم العالمي للتوعية بأمواج التسونامي، في 5 نوفمبر.
Bruce Howe

Bruce Howe (USA) develops ocean observing sensor network infrastructure, including cable systems. He currently serves as Chair of the JTF SMART Cable initiative, and is a professor at the University of Hawaii, Department of Ocean and Resources Engineering.

بروس هاو - كايت بانايوتو

يقوم بروس هاو (الولايات المتحدة)  بتطوير البنية التحتية لشبكة مكونة من أجهزة استشعار لمراقبة المحيطات، بما في ذلك شبكات سلكية. ويشغل حاليا منصب رئيس مبادرة «كابل سمارت»، وهو أستاذ في جامعة هاواي، قسم تكنولوجيا المحيطات والموارد.
كايت بانايوتو (أستراليا) هي من أشهر الأخصائيين في البيئة، لديها سبعة عشر عاما من الخبرة في ميادين السواحل البحرية ومصبات الأنهار والبيئة، وكذلك في كل ما يتعلق بتعهدات الأطراف المعنية. تشتغل في قطاع صناعة الأسلاك البحريّة منذ أكثر من عشر سنوات.