<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 22:02:34 Sep 30, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

المدن الأفريقية تتحرّك

cou_03_19_wide_angle_cities_website_01.jpg

مشهد من أحد شوارع العاصمة الأثيوبية أديس أبابا يوم 3 فبراير 2019، الدورة الثالثة لتظاهرة «يوم بلا سيارة».

انظمّت حوالي مائة مدينة عالمية إلى شبكة تحمل إسم شبكة المدن الأربعين، بهدف تقاسم تجاربها في ما يتعلق بمكافحة تغيّر المناخ وتداعياته، وتحديد أهداف طموحة للتخفيض من كمية ما تحدثه من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

 

نييلس بويل وفين راسموسين، بمساهمة حضره أحمد

يشعر سكان العاصمة الإثيوبية، في بعض الأحيان، أنهم يعيشون وسط ورشة بناء. وكما يقولون: «تخرج كعادتك من البيت في الصباح، ولما تعود في المساء، تجد أشغالاً أمام بابك!» أديس أبابا مركز عمراني ضخم تفاقم عدد سكانها جرّاء توافد المهاجرين الهاربين من الاضطرابات وغياب الفرص في الأقاليم التي تعاني من البؤس. وفي حال استمرار الوتيرة الحالية، من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها في غضون السنوات الثلاثين المقبلة.

ويصف بعض الخبراء الاقتصاديين إثيوبيا بأنها «الأسد الأفريقي»، على غرار القصص الناجحة للنمور الآسيوية. غير أن هذا النجاح الاقتصادي والنمو السكاني الذي يقترن به لهما ثمن.

وعلى الرغم من أن انبعاثات الكربون في إثيوبيا ما زالت متواضعة، إلا أن هذا البلد يعتبر من بين أكثر البلدان عرضة لتأثيرات تغيّر المناخ. ذلك أن تقلّب هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة يفضيان إلى تكرار موجات الجفاف والمجاعات. وتزداد حدة المشاكل المرتبطة باضطراب المناخ بسبب سرعة تفاقم التحضّر، بالإضافة إلى إنشاء شركات مثل مصانع الملابس الجاهزة كالفين كلاين أو آش. أن. أم. التي تستغل رخص أجر اليد العاملة التي تعد من الأرخص في العالم. 

وفي شهر مايو 2018، التزمت أديس أبابا ـ مع سبع مدن كبرى أفريقية أخرى ـ بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وسوف يتعين عليها إعادة التفكير في وسائل النقل، وإنتاج الطاقة وإدارة النفايات.

وفي هذه الأثناء، يتذمّر الإثيوبيون من التأخر في جني ثمار مكافحة التلوث والاختناقات المرورية، على غرار ما لاحظه بينيام غيتانه، البالغ من العمر 30 سنة، وهو من سكان العاصمة التي تضم 3،5 مليون نسمة: «التلوث في ازدياد، والناس يمرضون».

كيفية القيام بالعمل المناخي

انخرطت أديس أبابا في شبكة المدن الأربعين، وهي شبكة من المدن تضم 650 مليون نسمة وتمثل 25% من الناتج المحلي الإجمالي على الصعيد العالمي، وتتعاون فيما بينها منذ عام 2005 من أجل الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.

وحسب هاستينغس شيكوكو، المدير الإقليمي لشبكة المدن الأربعين في أفريقيا، من البديهي أن يعود للمدن دور هام في إيجاد حلول ابتكارية وتقنية للأزمة المناخية. ويقول في هذا الصدد: «حيث أن المدن تأوي القطاع الخاص ومؤسسات البحث، فإنها تحتل موقعا جيدا حتى تقترح حلولا ابتكارية وتوضح  للحكومات الوطنية أن ثمة وسائل للتخفيف من تغيّر المناخ والتكيف معه، وهي وسائل قابلة للتوسيع على نطاق البلاد».

ويشير هاستينغس شيكوكو، وهو خبير اقتصادي من مالاوي يمتلك تجارب طويلة في هذا المجال، إلى المبادرات الإيجابية في أكرا (غانا) وتشوين (جنوب أفريقيا)، حيث تم التخفيف من ازدحام حركة المرور بفضل تطوير أساليب للتنقل من شأنها تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بدرجة كبيرة.

ومع التسليم بالمصاعب التي تواجه العديد من العواصم، بالخصوص  في البلدان الأشد فقراً، يعرب شيكوكو عن تفاؤله، مشيراً إلى أن بعض المدن قررت تجاوز أهداف اتفاق باريس لعام 2015.  

وتسعى شبكة المدن الأربعين إلى تعزيز المبادرات المحلية لصالح المناخ على الصعيد المحلي، ومساعدة ممثلي البلديات على الاندماج في الفرق الحكومية المشاركة في المنابر الدولية: «لقد توصلنا إلى القبول بمشاركة بعض رؤساء البلديات الأعضاء في شبكة المدن الأربعين في الوفود الحكومية»، هذا ما أشار إليه الخبير الاقتصادي، مضيفا أن ذلك «يخول لهم الدفاع عن الممارسات المحلية الناجحة والمشاركة في عملية صُنع القرار».

ونظرا لندرة الموارد، تواجه البلديات صعوبات في توفير التمويلات اللازمة لمكافحة تغيّر المناخ. لذلك، تدعم شبكة المدن الأربعين تعزيز قدرات المسؤولين عن المناطق الحضرية كي يتمكنوا من الحصول على تمويل بديل.

«في قمة باريس، أطلقنا آلية تمويل شبكة المدن الأربعين وهي آلية تتمثل في معاينة المشاريع الكبرى ومساعدة المدن على تقييم التحديات وتحويلها إلى مشاريع قابلة للتمويل، مثلا من طرف البنك الدولي».

ومن أهم ما توفره الشبكة، الدعم في مجال نقل التكنولوجيا. «تتوقف بعض الحلول على القدرة الابتكارية للمدن، مثل الحافلات الخضراء واستغلال الموارد المائية بصفة ناجعة، وغيرها. وفي هذا المجال، تبقى المدن الأفريقية في المستوى الأدنى. ومن المهم أيضاً التعرف على المدن الرائدة، في مجال التنظيف مثلا، بحيث يمكن لنا تيسير نقل المعارف والتكنولوجيات من هذه المدن إلى المدن الأفريقية».

وهناك عائق آخر أمام العمل المناخي على صعيد المدن يتمثل في الافتقار إلى الخطط الملائمة. ومن بين الأهداف الرئيسة لشبكة المدن الأربعين السهر على أن تتوفر للمدن المنضمة إلى الشبكة بيانات وتدابير مشتركة كي تتمكن من تقييم نتائجها ومقارنتها مع غيرها.

وقد استعان رئيس بلدية أكرا، محمد أدجاي صوا، بخدمات شبكة المدن الأربعين لجمع بيانات موثوقة وإطلاق خطته الخاصة بإدارة النفايات. ومعلوم أن النفايات تقوم بدور كبير ومتزايد في انبعاثات الكربون.

ويشرح هاستينغ شيكوكو أن «رئيس البلدية يتعاون الآن مع القطاع الخاص لإنشاء نظام ناجع لجمع النفايات»، مضيفا: «هذا مثال يمكن أن تستلهم منه مدن أفريقية أخرى. ينبغي أولا منع مكبات النفايات العشوائية، ثم إقامة نظام فعال يحفز السكان على الامتثال إليه».

تقاسم التجارب الصائبة

تعد وسائل النقل من المصادر الرئيسية لثاني أكسيد الكربون وتمثل المجال الذي تزداد فيه انبعاثات غازات الدفيئة على الصعيد العالمي بأسرع وتيرة.

وتشارك مدينة تشوين ـ التي أُنشئت سنة 2000 من خلال دمج ثلاثة عشر كياناً بلدياً من بينها بريتوريا، العاصمة الإدارية لجنوب أفريقيا ـ في شبكة وسائل النقل المشتركة للمدن الأربعين، التي تضم مدن المجموعة التي تمارس أنشطة ابتكارية في هذا المجال.

«سعت هذه المدينة الكبرى الذي يفوق عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، إلى تحسين شبكة وسائل النقل العمومي وجعلتها مريحة بالقدر الكافي كي تشجع أصحاب السيارات الفردية على استخدامها. كما قامت مدينة تشوين بتهيئة ممرات مخصصة للحافلات، وهي من بين المدن التي لا تشغل إلا الحافلات المسيرة بالغاز».

إن التجارب الصائبة في مجال وسائل النقل أو إدارة النفايات في المدن الأربعين مثل تشوين أو أكرا أو شيكاغو، من شأنها أن تلهم مدينة مثل أديس أبابا التي تأوي أعدادا ضخمة من السكان والتي تعاني من الازدحام. وحتى تطلق مشروع شبكة المواصلات العمومية السريعة، أرسلت وفدا إلى تشوين للاستفادة من التجارب المكتسبة هناك.

وتندرج عملية تحسين وسائل المواصلات العمومية في أديس أبابا في الاستراتيجية الإثيوبية لتنمية الاقتصاد الأخضر التي تم إطلاقها في 2011. ويوضح هاستينغس شيكوكو أن الحكومة الإثيوبية بصدد إعادة النظر في سياستها البيئية على ضوء تغيّر المناخ: «سوف تضفي عليها تدابير ترمي إلى تعزيز قدرة مختلف مدن البلاد على الصمود وتمكينها من التخفيض من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون دون إعاقة نموها».

ويختم شيكوكو قائلا: «يتمثل دور شبكة المدن الأربعين أساساً في ربط العلاقة بين المدن التي تسعى إلى تطبيق حلول للتّخفيض من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومساعدتها على الاستفادة من تجارب بعضها البعض».

فين راسموسين

عالم اجتماع دنماركي مختص في الشؤون الثقافية، يعمل فين راسموسين في مجال التنمية الدولية. كما أنه مدير قسم أفريقيا في منظمة إنترناشيونال ميديا سبورت وله العديد من المؤلفات حول وسائل الإعلام والشؤون الدولية.

حضره أحمد

صحفية إثيوبية مستقلة، حضره أحمد عضوة في رابطة الصحفيين المختصين في الشؤون البيئية في إثيوبيا، تغطي مجالات واسعة النطاق بعضها مرتبط بالمناخ.