<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 21:49:17 Sep 30, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

كولونيل: الأمر عاجل!

cou_03_19_wide_angle_geoffroy_01_website.jpg

قبل فوات الأوان. غرفة طوارئ نصبها تياري جوفروا/كولونيل في المغرب، خلال انعقاد بينالي الدار البيضاء 2018.

خمول ونعاس. تلك هي حالة الرأي العام ووسائل الإعلام أمام تغيّر المناخ، حسب الفنان الفرنسي-الدانماركي تياري جوفروا المكنى كولونيل. وبعد أن تردّد بين شعار «قبل فوات الأوان»، و«غدا، سيكون قد قُضي الأمر»، مرّ للإعلان عن «فوات الأوان» (تو لايت). ومع ذلك، يستمدّ من اليأس شيئا من المواساة.

 

تياري جوفروا المكنى كولونيل يُجيب عن أسئلة نيلس بويل

يُمثّل أحد أعمالك الحديثة حروفا بالنيون الأحمر تُشكّل جملة «قررت أن أستسلم» (آي غيف آب). هل فقدت الأمل في الفوز في السباق ضد تغيّر المناخ؟

نعم. ولا أدري إن كان ذلك بسبب تقدّمي في السن أم لأن الوضع يزداد تأزّما. لم نعد نعيش في حالة خوف، وإنما في يقين بأنه «فات الأوان». لكني لا أعتقد أن ذلك يدعو إلى الاستسلام. وقد يكون اليأس تحديدا هو الذي سيُوقظ، أخيرا، الضمائر الناعسة. فالعالم أجمع، تقريبا، يعلم بوجود تغيّر المناخ ومسؤولية النشاط الإنساني في تأزمه، ورغم ذلك لا أحد، تقريبا، يُحرك ساكنا.

تكمن المشكلة في اللامبالاة وليس في الجهل. يُخيّل إليّ أننا نعيش في عالم تجوب الطائرات سماءه ليلا نهارا وتبعث موادّ مُخدّرة تشلّ وعينا. ويقع على عاتق وسائل الإعلام قسط كبير من المسؤولية: فهي تسكت عن الأسباب الحقيقية للظواهر المناخية القصوى التي نشهدها، حتى لا تُشكّك في نظام الإنتاج والاستهلاك الذي ترتكز عليه سلطة النّخب. علما بأن وسائل الإعلام هذه ليست سوى جزءا من تلك النخب ذاتها.

أعتقد أن للفنانين دورا في إيقاظ الضمائر. فهم قادرون على كشف دواليب الدعاية الإعلامية، وبإمكانهم أن يُظهروا للعموم الوجه الحقيقي للمشاكل.

ذلك هو الهدف من مشروعك إيمرجنسي روم (غرفة الطوارئ)، أليس كذلك؟

فعلا، فالمهمّ في عملي حول تغيّر المناخ يتمثّل في طرح السؤال التالي: «في ما تتمثل حالة الطوارئ؟». وكما هو الشأن بالنسبة إلى غرف الطوارئ في المستشفيات، فإنه لا يُمكن معالجة كافة الحالات الطارئة في نفس الوقت، وإنما يجب تحديد تلك التي تستوجب المعالجة في أسرع وقت. ومن البديهي أن تغيّر المناخ يُمثّل أولويّة الأولويات. فهو – وسيظلّ – سبب العديد من الطوارئ: الانتقال المُكثّف للسكان، المشاكل البيئيّة، الحروب...

صمّمت إذن مشروعا، أو بالأحرى إطارا، يتيح للفنانين المعاصرين التعبير العاجل عن رأيهم في الأحداث التي تنقلها وسائل الإعلام. إنهم يترصّدون ويُعاينون ما يحدث حولهم ويردّون الفعل في الحين تقريبا، وذلك بابتكار عمل يعرضونه في غرفة الطوارئ في اليوم الموالي، ليُناقشوه مع الجمهور.

وحتى أعطيك مثالا على ما حدث في أول غرفة طوارئ جُهّزت  في موما بس1، بنيويورك، أذكر عمل الفنان الدانماركي سوران دهلغارد، الذي أنتج، غداة عواصف ثلجية شديدة جدا، نسخا من أكبر صحف العالم، حتى يجلب انتباه الجمهور حول تغيّر المناخ.  كانت العناوين تُعلن عن كوارث في كل مكان.

يجب التذكير بأن هذا الحدث يعود لسنة 2007 وأن الجمهور اهتزّ له فعلا. أما اليوم فلا أحد يُحرّك شعرة أمام مثل تلك العناوين! لكن، كما كنت أقول، لا يجب أن يجرنا ذلك للاستسلام. ولن أكفّ عن إنشاء غرف طوارئ هنا وهناك عبر العالم. فأنا أعتمد على أن تؤول النقاشات التي تدور هناك إلى كسب جماهير جديدة وتحسيسها.

تستعمل مواد قابلة لإعادة الاستخدام في أعمالك. هل هو اختيار مُتعمّد؟

هو اختيار فرضته ظروف العمل الفوري. ألتقط علبة من الكرتون في الشارع لأكتب عليها. وأقضي أكثر الوقت في محاولة فهم الأحداث والتواصل مع الجمهور، بدلا من تحسين عملي بمفردي في ورشتي أو في الاستوديو. ليس لدي وقت للإتقان. لا بد من التحرك بعجالة.

ابتكرت مفهوما آخر وهو كريتيكل ران. فيمَ يتمثّل؟ ما هو هدفه؟

السباقات الناقدة هي في الحقيقة محاضرات حول قضايا الساعة وخاصّة منها تغيّر المناخ. ولكن، عوض أن يكون المُشاركون جالسين في مكان مكيف، في قاعة محاضرات مُريحة، يترصّدهم النعاس بسبب الحرارة وخرير المصابيح الضوئية، فهم مدعوّون للركض خلال الحوار!

كريتيكل ران هي تعبير مجازي: نحن نركض حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه إذا لم يفت الأوان، أو نركض بحثا عن النجاة لأنه فات الأوان. وإن فات الأوان فعلا، فسوف لن نبقى جالسين على الكراسي نتصفّح كتب تاريخ الفنون...

نظمت في شهر مايو الأخير كريتيكل ران في بينالي البندقية، في إيطاليا، لإثارة التساؤل، بالخصوص، حول عنوان دورة 2019 لذلك المعرض الدولي الكبير للفن المعاصر: «ماي يو ليف إن أنتيريستنغ تايمز» (نتمنى لكم أن تعيشوا أوقاتا شيّقة).

فعلا. وقد تمّ طرح أسئلة سديدة خلال ذلك السباق-الحوار. وتناول أحد المشاركين موضوع أهمّ عمل عرض خلال بينالي هذه السنة، وهو باركا نوسترا (مركبنا) للفنان الأيسلندي-السويسري كريستوف بوشال. ويتمثل هذا العمل في حطام مركب غرق في البحر الأبيض المتوسط سنة 2015، مخلفا جثث حوالي ألف مهاجر. ورأى هذا المشارك أنه كان من الأفضل عرض إحدى السفن التي تقوم بالرحلات البحرية، والتي تفرض، بمفعول تسلسلي، على شعوب بأكملها الهجرة لأسباب مناخيّة.

أرى أنه من الأفضل أن تُعرض في البينالي أعمال تتناول مصدر المشاكل وتحثّنا على محاولة حلّها في الوقت المناسب، بدل أعمال تُجسّد بتهكّم فكرة «فات الأوان» وإنكارنا للواقع.

الصورة: إيمرجنسي روم

تياري جوفروا

فنان فرنسي-دانماركي، ابن عسكري، اختار تياري جوفروا لنفسه كنية كولونيل (العقيد)، تأكيدا لخوضه معركة تحسيس الرأي العام بتغيّر المناخ. بدأ نشاطه كمُصوّر فوتوغرافي، وأخذ يجول منذ ما يزيد عن العشر سنوات معارض الفنون، والأروقة، والمتاحف في العديد من الدول. وحتى إن لم توجه له الدعوة، فهو يدعو نفسه ليُمرّر رسائله. ألّف العديد من الكتب والبيانات، وأنتج أكثر من عشرين فيلما للتلفزيون الدانماركي بالإضافة إلى عشرين فيلما لعدّة متاحف عبر العالم.