<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 14:36:17 Dec 05, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

حلب: خطوة أولى نحو التعافي

cou_02_19_alep_web.jpg

«شالنج أوف ماس» (تحدي جماهيري)، حلب، سوريا، 2013. عمل فني من مجموعة كرتونينغ فور بيس (التصوير الهزلي في خدمة السلام)، وهي شبكة دولية للرسامين الصحفيين الملتزمين، تحظى بدعم اليونسكو.

لقد تسبب النزاع السوري في خسائر فادحة في الأرواح وألحق أضراراً جسيمة بالمدن والهياكل الأساسية، بالإضافة إلى تدمير الحياة الاقتصادية والاجتماعية للشعب السوري وتراثه الثقافي. أما مدينة حلب العتيقة، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1986، والتي كانت تعتبر في ما مضى مثالاً لأفضل الممارسات في مجال صيانة المواقع الحضرية، فقد تم تسجيلها في عام 2013 على قائمة التراث العالمي المُعرّض للخطر، جراء الأضرار الهائلة التي لحقتها وحولت العديد من أحيائها  إلى ركام.

وفي  دراسة* أجرتها اليونسكو مع معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، تم إحصاء ما لا يقل عن 500 من الممتلكات المتضررة، منها قلعة حلب، والعديد من الأسواق، والمتاحف، وأماكن العبادة وغيرها من المباني التاريخية.

وتمثل الدراسة أول عملية جرد شاملة للأضرار المادية والخسائر في مخزون الذاكرة التي لحقت حلب بين عامي 2013 و2017. ويذكر كل من المهندسة المعمارية ربى قاسمو، وهي أصيلة حلب، والجغرافي الفرنسي، جان ـ كلود دافيد، في نص مقدمة الدراسة، أن هذه المدينة شهدت ازدهاراً هائلاً في بداية الألفية الثانية قبل الميلاد، لما كانت عاصمة سلالة العموريين في مملكة يمحاض، وكانت تُعتبر «مقر إله العاصفة، حلب».

وقد شارك في هذا المشروع الذي انطلق فور توقف القصف على المدينة في ديسمبر 2016، نحو عشرين خبير من أخصائيين في التراث الثقافي، ومؤرخين، وعلماء الآثار، ومهندسين معماريين، ومحللي الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية.

وتحتوي الدراسة على صور للمدينة ومبانيها ملتقطة قبل وبعد نشوب النزاع، مصحوبة برموز الإستجابة السريعة للحصول على صور من الأقمار الصناعية ووثائق ثلاثية الأبعاد. وتوفر الدراسة قاعدة تقنية متينة لتخطيط عمليات إصلاح وإعادة تأهيل حلب، كما تفيد أن أكثر من 10٪ من المباني التاريخية في المدينة قد دمرت، وأن أكثر من نصف الأبنية التي تم تقييمها تعرضت لأضرار مصنفة بين المتوسط والفادِح.

لكن الأضرار لم تصب الأحجار فقط. لقد تألمت روح المدينة. إن ترميم الذاكرة يكتسي نفس الأهمية، إن لم يكن أكثر، مقارنة بإعادة تشييد المباني. فالجامع الكبير مثلا، الذي يُعتبر جوهرة من جواهر الحضارة السلجوقية، كان فريدا من نوعه، ليس بفضل مئذنته وتزويقاته الاستثنائية فحسب، بل وأيضاً لدوره الاجتماعي. لقد كان الجامع يمثل عنصراً أساسياً من عناصر الثقافة السورية، تجتمع فيه أجيال متتالية من السوريين منذ تسعة قرون. ولذلك، فإن تدميره قد نال من جوهر المجتمع ذاته.

إن سكان حلب هم حرّاس تاريخ مدينتهم وذاكرتها. وسوف تعود لهم مهمة إعادة تنشيط الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية فيها. وقد أهداهم المؤلفان هذه الدراسة التي من شأنها أن تساعدهم في التغلب على الصدمات التي سببتها الحرب.

 

شانتال كونوتون، (المملكة المتحدة) كاتبة ومحررة وخبيرة في مجال الاتصالات.

*أصدرت اليونسكو ومعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث دراسة بعنوان خمس سنوات من النزاع: حالة التراث الثقافي في مدينة حلب العتيقة. وقد أُنجزت هذه الدراسة بمشاركة كل من المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية والهيئة البريطانية المعنية بالآثار المعرضة للخطر في منطقة الشرق الأوسط