<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 11:10:34 Dec 05, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

Editorial

في انتظار قدوم الأبطال

cou_02_18_ouverture_01.jpg

عمل للفنان البريطاني ماندي باركر، من مجموعة بينالتي - كرة قدم الفضلات البحرية

تشرعون الآن في قراءة هذا العدد من الرسالة لأبريل - يونيو 2018. لِيكن في علمكم أنكم حاليا تعيشون في دهر البشائر، وفي حقبة الحياة الحديثة، وفي الفترة  الرباعية، وفي عصر الهولوسين – وكلها أقسام مدرجة على سلّم الأزمنة الجيولوجية لكوكبنا، وسوف يتم دون شك، قريبا، إضافة قسم جديد: الأنثروبوسين.

دخلت الأرض عصر الهولوسين (من اللغة اليونانية «كامل» و«حديث العهد») منذ 10.000 سنة. لكن الأنشطة البشرية كان لها تأثير هام وواسع الانتشار على نظام الكوكب لدرجة أن العلماء أصبحوا يتساءلون منذ عقدين إن كان من الأجدر الحديث عن عصر جديد، أطلق عليه في الأول عالم البيولوجيا الأمريكي أوجان ف. ستورمر اسم أنثروبوسين (من اليونانية «إنسان» و«حديث العهد»). وشاعت هذه الكلمة في بداية السنوات 2000 بفضل الهولندي بول كروتزن الحائز على جائزة نوبل للكيمياء. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مثيرة للجدل في الأوساط العلمية ومصدرا للقلق لدى الرأي العام.

ويعود إلى المجموعة الدولية لعلماء الحفريات والجيولوجيا والطبقات، وخاصّة إلى اللجنة الدولية للطبقات وإلى الاتحاد العالمي للعلوم الجيولوجية، إثبات ما إذا كان الأمر يتعلّق فعلا بعصر جيولوجي، أم إذا كان الأنثروبوسين سوف يذكر في موسوعات المستقبل كمفهوم فلسفي يهدف إلى تحذير البشرية في القرنين العشرين والحادي والعشرين من التهديدات التي أحاطت بالكوكب جرّاء الأنشطة البشرية.

في انتظار هذا القرار، يتواصل الجدال والدفاع والخصام بين العلماء. كيف يمكن ضبط تاريخ بداية هذا العصر الجديد المُفترض؟ بعبارة أخرى، منذ متى يمكن إثبات مسؤوليتنا كبشر في هذا التحوّل الذي قد يتبيّن أنه سيفتك بالكوكب؟ يرى البعض أن الأنثروبوسين ليس إلّا تسمية إضافية للعصر الذي نُسمّيه الهولوسين، حيث بدأ الإنسان يمارس ضغطا على المحيط منذ 10.000 سنة، أي منذ تحضّره ومنذ ابتكار الفلاحة. و يرى البعض الآخر أن الأنثروبوسين بدأ حوالي سنة 1800، مع الثورة الصناعية. ويرى طرف ثالث أن الأنثروبوسين وُلد مع أول فطر ذريّ سنة 1945.

رغم هذه الاختلافات، نادرا ما نجد من ينكر تدهور حالة الكوكب بشكل سريع ومأساوي أكثر من أي وقت مضى، خلال نصف القرن الأخير: أكداس ضخمة من البلاستيك على الشواطئ وفي البحار، تطوّر غير مسبوق لموادّ جديدة تُغطّي سطح الأرض وغير قابلة لإعادة التصنيع إلا نادرا، تربة مُتخمة بالأسمدة، ارتفاع نسبة حموضة البحار، نسبة تلوّث غير مسبوقة، تآكل الغابات الاستوائية، تعطل الأنظمة البيئية، الانقراض المكثف للأجناس وتقلص التتوّع البيئي، ارتفاع الحرارة...

من المُخطئ؟ الإنسان – حسب أغلبية العلماء. ويبقى السؤال المطروح: هل نتحمّل جميعا نفس القدر من المسؤولية؟ بعضهم يُوبّخ قبل كل شيء النظام الرأسمالي الذي نشأ في الغرب، ويتحدّث عن الكابيتالوسين (عصر الرأسمالية) أو الأكسيدنتالوسين (عصر الغرب). هل نحن مندفعون نحو الكارثة؟ ترتفع بعض الأصوات لتتنبّأ بنهاية العالم! وها أن مفاهيم أخرى مثل شتولهوسين أو ثاناتوسين تروج لتُنذر بأن الهول يحوم حولنا، وبأن الموت تترصّدنا... وحتى الخبراء الأكثر اعتدالا فلا تقلّ حيرتهم أمام تردّد أصحاب القرار. «كل شيء يسير كما لو أن البشرية، التي تغطّ في سباتها، تنتظر نهاية الفيلم والوقت الذي سيأتي فيه الأبطال ليُعيدوا ترتيب كل شيء، والذي سنشعر فيه بالسعادة إلى الأبد». هذا ما سنقرأه في هذه الصفحات.

الحوار ساخن، والحلول لم تأت بعد. الرسالة تُقيّم الوضع.

الصورة أعلاه

ماندي باركر Mandy Barker