<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 02:53:02 Jun 27, 2021, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

مقابلة

نيللي مينييرسكي، الملكة الخضراء

cou_04_19_our_guest_nelly_internet_site.jpg

نيللي مينييرسكي، 90 سنة، شخصية مشهورة في مجال كفاح النساء في الأرجنتين لمقاومة العنف الجنساوي ومن أجل إلغاء تجريم الإجهاض الإجهاض.

من خلال حملاتهن للتنديد بالعنف الجنساني وقتل النساء، مثل حملة #NiUnaMenos («لن تنقص ولا واحدة»)، وكفاحهن من أجل تقنين الإجهاض وإلغاء تجريمه، تتجاوز نساء الأرجنتين الاختلافات للتعبير بكل حزم وبصوت واحد عن آرائهن. وتُعتبر الحقوقية نيللي مينييرسكي، البالغة من العمر 90 عاماً، من بين هؤلاء النساء الأكثر نشاطاً. لقّبها البعض «الملكة الخضراء»، إشارةً إلى لون الأوشحة التي ترتديها مناصرات الإجهاض الطوعي والآمن اللاتي يدافعن عن ضرورة إصدار «قانون لتفادي الموت».

أجرت الحوار لوسيا إغلسياس كونتز (اليونسكو)

 

كيف نَمت لديك روح الالتزام بالدفاع عن حقوق الإنسان؟

لقد ترك أبي بيسارابيا، مولدوفا الحالية، في سن 23 عاماً وهاجر إلى الأرجنتين. لكن كل أفراد الأسرة بقوا آنذاك في أوروبا. لقد عشنا أحداث الحرب العالمية الثانية عن قرب. وأتذكر أنني سمعت عبر المذياع صوت هتلر، وهو صوت حاد لم أنساه أبدا، وأنا متأكدة أنه كان له تأثير على تصرفاتي.

وماذا عن الحركة النِّسوية؟ من الذي قادَك إليها؟

لن أكون على صدق لو قلت إن الشخصيات البارزة في هذه الحركة هي التي ألهمتني. لقد احتديت بأمثلة نساء مستقلات، مثل اللاتي ينتمين إلى أسرة زوجي وكن جميعا يمارسن مهنة في مجال الصناعات الكيماوية أو في تدريس اللغة الفرنسية وغير ذلك من المهن. وكنت دائماً أتواجد في أوساط تقدمية. وبما أنني عشت في ظل عدة أنظمة دكتاتورية، اهتممت بقضية حقوق الإنسان ثم بالحركة النِّسوية. وتخصصت في قانون الأسرة، وأدركت شيئاً فشيئاً أن عدم الأهلية القانونية للنساء إنما تتعلق بالنساء المتزوجات على وجه الخصوص. أما النساء العازبات فكن لا يخضعن إلا لقلة قليلة من القيود، وكن يتمتعن بكامل الحقوق تقريباً; في حين أن النساء المتزوجات أقل حرية بكثير، وذلك بسبب النموذج الاقتصادي والرغبة في الحفاظ على دخل العائلة. ولما كنت أرغب في تغيير هذه الأوضاع، وجهت اهتمامي للحركة النِّسوية. 

كيف انطلقت الحملة الحالية التي تشاركين فيها والرامية إلى الحصول على الحق في الإجهاض في الأرجنتين؟

انطلقت هذه الحملة في عام 2005، ولكن نشأتها تعود إلى اللقاءات الوطنية للنساء، التي أُنشئت في عام 1986، أي بعد عودة الديمقراطية بوقت قصير*. وتتمثل هذه اللقاءات في فضاءات للقاء والحوار حول قيم ومبادئ وأشكال تنظيمية من قِبل النساء ومن أجلهن، تقام كل سنة في مدينة من مدن الأرجنتين. وفي البداية، كان عدد المشاركات حوالي ألف امرأة فقط. أما اليوم، فهي تجمع في كل دورة، أكثر من 60.000 امرأة! وتدوم هذه اللقاءات يومين ونصف، يتم خلالها تناول القضايا الجنسانية، وذلك في شكل حلقات عمل، ومسرحيات، ومعارض للصناعات الحرفية، وموائد مستديرة حول الشؤون الصحية، والإرضاع، ومناقشات أدبية، وغيرها من الأنشطة. إنها تجربة فريدة من نوعها حيث تختلط جميع الفئات الاجتماعية والعمرية… نحن معشر النساء لنا سمة خاصة بنا وهي أننا نجتمع بسهولة مهما كانت آراؤنا السياسية. وتضم هذه اللقاءات موظفات لدى البلديات وطالبات شابات وغيرهن، وذلك في جو يسوده المرح. ويتم التوجه حاليا إلى تغيير عنوانها ليصبح «اللقاءات الوطنية المتعددة»، من خلال ضم الشعوب الأصلية.

وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يبلغ عدد النساء ضحايا القتل أكثر من 50.000 امرأة كل سنة. كيف يمكن مكافحة هذه المحنة؟

لدي نظرية لست قادرة على التعمق فيها إطلاقا، مفادها أن جرائم قتل النساء سوف تقل كلما تطورت التربية الجنسية الكاملة. والدليل على ذلك أن في البلدان التي توفر هذه التربية بشكل جدّي منذ سِن مبكرة، نجد أن معدلات جرائم القتل بدافع جنساني أكثر انخفاضا. غير أن الأمر يقتضي عدة سنوات قبل تعميم التربية الجنسية. 

لماذا تظل الأرجنتين رافضة للإجهاض، في حين أنها أباحت زواج المثليين وأتاحت لكل شخص حرية اختيار هويته الجنسانية؟

صحيح أنه صدرت في الأرجنتين خلال السنوات الأخيرة قوانين تمنح العديد من الحقوق للنساء، على غرار البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة** ورواتب تقاعد لربات البيوت، وغير ذلك. وفي نهاية المطاف، أعتقد أن الزواج «القائم على المساواة» يتيح إدخال مجموعة من الأشخاص في قالب مؤسسي وإخضاعه للرقابة الاجتماعية. في حين أن إباحة الإجهاض يعني الخروج من النموذج المرغوب فيه، ومن شأنه أن يزعزع الاستقرار تماما. ومن المؤكد أنه أحد معاقل السلطة الأبوية الأكثر صلابة. 

لقد كنت من بين محرري مشروع قانون إلغاء تجريم الإجهاض الذي وافق عليه الكونغرس الأرجنتيني في يونيو 2018 ورفضه مجلس الشيوخ بعد شهرين. ما هي فحوى هذا المشروع؟

تحمل الحملة التي نقوم بها الشعار التالي: «التربية الجنسية لاتخاذ القرار، ووسائل منع الحمل لتفادي الإجهاض، والإجهاض القانوني لتفادي الموت». كما يدعو مقترحنا إلى إلغاء تجريم الإجهاض، فضلاً عن إتاحته قانونيا. إن القانون الذي يُجرّم الإجهاض هو قانون تمييزي، لأن النساء اللاتي يمتن، والفتيات الصغيرات الحوامل اللاتي يُجبرن على أن يكنّ أمهات، ينتمين إلى أكثر الفئات تهميشا وضعفاً. وإذا لم تتم إباحة الإجهاض واقتصر الأمر على إلغاء تجريمه، فإن هؤلاء النساء والفتيات لن يستطعن التمتع بحق الحصول على خدمات صحية لائقة وآمنة. وقد تمت في الأرجنتين بين عامي 2007 و2018 سبع محاولات لتقديم مشروع قانون، ونحن بصدد تقديم مقترح للمرة الثامنة. وإلى ذلك الحين، تستمر الحملة التي تضم أكثر من 500 منظمة، وتواصل أعمالها حول هذا الموضوع الذي نعتبره موضوعاً أساسياً؛ فالحق في الإجهاض إنما يعتبر حقاً أساسياً من حقوق الإنسان.

كيف تم تلقي مشروع القانون هذا؟

لما فتحت مناقشة مشروع القانون المذكور في البرلمان عام 2018، حصل حدث مدهش فريد من نوعه: لقد احتشد تأييداً لنا عدد يتراوح بين مليون ونصف ومليونين من الفتيات في الشوارع، وتمت دعوتنا إلى الحديث في المدارس الثانوية، حيث سألني بعض الشباب،  بأدب جم، إن كنت قد خضعت شخصياً لعملية إجهاض... اتسمت نقاشاتنا بالصراحة والهدوء، واستفقنا دفاعاً عن قضايانا، ووجهنا رسالة تتجاوز بدرجة كبيرة موضوع الإجهاض، رسالة حرية واستقلالية... ومما أثارت مشاعرنا رؤية هؤلاء المراهقات والشباب والرجال وهم يرتدون الوشاح الأخضر، وهو الرمز الذي تبناه مناصرو مشروع القانون. وبهذه الطريقة، حصلنا على شيء لم يكن متوقعاً، ألا وهو اتفاق بين نواب من أحزاب سياسية متعارضة، تمكنوا مع بعضهم من انتزاع إقرار القانون في مجلس النواب، وهو ما يُسمى في الأرجنتين «نصف التصديق». وكان ذلك أمراً رائعا، فاق كل آمالنا.

لكن القانون لم تتم المصادقة عليه بعد...

لقد رفض مجلس الشيوخ القانون، لكن الفارق البسيط بسبعة أصوات فقط (38 ضد، 31 مع) مثّل لنا انتصاراً ساحقاً. لم تكن خسارة بالنسبة لنا. نحن لم نحصل على القانون، ولكن الزمن في طور التغير. لقد أخرجنا مسألة الإجهاض من المنطقة المحرمة، أي من المنطقة الإجرامية وفقاً للمخيلة الاجتماعية، ونزعنا عنها الطابع الشيطاني، واليوم يتحدث الناس عن الحقوق الجنسية والإنجابية. لقد حققنا خطوة كبيرة إلى الأمام وفتحنا الطريق لأن الوعي الاجتماعي في طور التغير. كما نجحنا في ضم المراهقين والشباب لقضيتنا، وهم الذين يعتبرون الإجهاض بمثابة حق من الحقوق. كما انضمت لقضيتنا قطاعات هامة أخرى، وشاهدنا نشأة شبكات للأخصائيين والأطباء والممرضات والمحاميات وغيرهم. إنها موجة خضراء حقيقية. 

بعد كل هذه السنوات من الجهود والنضال، ما هي نظرتك للحركة النِّسوية على المستوى العالمي؟

مما لا شك فيه أن الحركات الشعبية أتاحت للقضية النِّسوية إحراز تقدم في كثير من الجوانب. إلا أن هذا التقدم قد أفضى إلى حدوث ردّة فعل، وإن كانت ضعيفة بالتأكيد، لاقت صدى في المؤسسات الدولية. تواصل بلا توقف في إطار الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى. ويبين التقرير الذي صدر حديثا عن مرصد الحقوق الكونية، تحت عنوان «حقوق معرضة للخطر»،  بكل وضوح كيف يتحالف الأصوليون من مختلف الأديان مع القطاعات الأكثر محافظةً سعياً لإعادتنا، على الصعيد الجنساني، إلى ما قبل مؤتمر بيجين (1995) الذي سجل خطوة جوهرية لصالح المساواة بين الجنسين. وهكذا، ابتكروا تعبير «إيديولوجية الجنسانية». وهذه حركة تتنامى كل يوم، فضلاً عن اتهامها لمنظمتي اليونيسيف واليونسكو بتعزيز هذه الإيديولوجية المزعومة. فعلينا إذن أن نتوخى الحذر.

* أُعيدت الديمقراطية في الأرجنتين في أكتوبر 1983 بعد نظام دكتاتوري دموي بدأ في عام 1976.

** البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الذي صدّقت عليه الأرجنتين في عام 2007، يتيح للأفراد والرابطات تقديم الشكاوى إزاء انتهاك الاتفاقية إلى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، عندما لا تتوفر في بلدانهم حماية قانونية أو إدارية تتسم بالسرعة والفعالية، وعلى هذه اللجنة أن تقوم بالتحقيق في حالة انتهاك الاتفاقية على نحو خطير وممنهج.

نيللي مينييرسكي

من مواليد عام 1929، نشأت نيللي مينييرسكي في مقاطعة توكومان الواقعة شمال غرب الأرجنتين، وهي تُعتبر إحدى الشخصيات القيادية المعنية بالدفاع عن حقوق النساء في بلادها. وقد عُيّنت مواطنة فخرية لبوينس آيرس في عام 2010 وتترأس منذ عام 2017 برلمان النساء. أما على الصعيد المهني، فهي أول امرأة ترأست رابطة المحامين في بوينس آيرس، وأول رئيسة للمجلس التأديبي لنقابة المحامين في العاصمة الأرجنتينية.