<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 02:26:06 Dec 29, 2021, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

إحياء روح الموصل

cou_02_19_mossul_01_web.jpg

عازف التشيلو العراقي كريم الواصفي مع الأوركسترا في أنقاض مدينة الموصل العتيقة التي دمرتها الحرب، يوم 10 نوفمبر 2018.

في شهر فبراير من سنة 2018، وبمناسبة المؤتمر الدولي حول إعادة إعمار العراق الذي انتظم في الكويت، أطلقت اليونسكو مبادرة «إحياء روح الموصل»، جمعت، تحت إشراف المنظمة، المجموعة الدولية من أجل المساهمة في إعادة إعمار تلك المدينة المُنهكة بالحرب، والنهب، والدمار، مع الأخذ في عين الاعتبار ضرورة إدراج إعادة الإعمار في تاريخ المدينة المتسم بالتعددية وتلاقي الثقافات والأديان في الشرق الأوسط.

في ظل حكم داعش، تم تخريب تراث الموصل وانتهاك هويتها: دُمرت أماكن العبادة (مساجد، كنائس)، وضريح النبي يونس، والتماثيل الآشورية والبارثية لمتحف الموصل، وأحرقت مكتبة المدينة عمدا (بما تحويها من آلاف الكتب القديمة)، بالإضافة إلى تهريب الآثار.

لقد دمر الاحتلال الداعشي تماما النظام التربوي في العراق، من مدارس ما قبل الابتدائي إلى التعليم العالي. وقد اضطرّ الأولياء على سحب أبنائهم من المدرسة، بسبب تعويض مواد التاريخ والفنون بمحتويات تحثّ على الكراهية. أما التلاميذ الذين بقوا فيها، فقد تعرّضوا إلى عملية غسل الأدمغة بصفة مُمنهجة، بفعل المُدرّسين الذين أُجبروا على نقل إيديولوجية داعش المتطرفة.

وبالنظر إلى هذه الحالة، فمن الضروري ألا تقتصر إعادة الإعمار على ترميم التراث الثقافي، وأن تشمل أيضا إسترجاع الكرامة والذاكرة. لذلك، أرادت اليونسكو تعبئة المجتمع الدولي لعرض مبادرة تكون في نفس الوقت ذات طابع تراثي، وثقافي، وتربوي. ويتم تنفيذ هذه المبادرة، بمَحاورها الثلاثة، بالتعاون مع الحكومة العراقية ومساهمة عديد الأطراف: الدول المجاورة، والمنظمات الدوليّة، والاتحاد الأوروبي، بهدف منح الموصل أفقا ونفسا جديدين.

بالإضافة إلى ترميم الآثار وإعادة تأهيل النسيج الحضري التاريخي للموصل، سيتمّ إعادة بناء المنازل في المدينة العتيقة (الموصل والبصرة)، و تكوين مُختصّين في التراث الثقافي، وذلك في إطار مشروع يحظى بدعم الاتحاد الأوروبي،  أساسه منهج تشاركي يرمي إلى تطوير الكفاءات وخلق مواطن الشغل، دعما للتّماسك الاجتماعي والمصالحة بين المجتمعات.

وفي نفس الاتجاه، تمت صياغة وثيقة تتضمّن جردا للمواقع الدينية التي أضرت بها داعش، للاستناد إليها كمرجع في ورشات الحوار بين الأديان، وفي دعم إعادة خلق الروابط بين المجتمعات. كما يجري الإعداد لخطّة عاجلة لحماية التراث اللامادّي المُهدّد، وبعث «فضاءات ثقافية مُتنقّلة» لصالح السكان الذي أُجبروا على النزوح والتجمّعات التي استقبلتهم.

هذا وطلبت الحكومة العراقية من منظمة اليونسكو مساعدتها على وضع استراتيجية وطنية في مجال التعليم للفترة 2020-2030 بهدف إعادة بناء أسس نظام تربويّ يستجيب إلى حاجيات السكان. وبالتوازي مع ذلك، يتم تفعيل عدة مشاريع تربويّة للوقاية من عودة ظواهر التطرّف وإعادة خلق المناخ الملائم للتعايش.

ودعما للتسامح والتعايش السلمي على المدى الطويل، سيتم تخصيص مشروعين لصالح المدارس الابتدائية في مدينة الموصل العتيقة حتى تصبح أماكن آمنة تمكن التلاميذ من الانشراح، والتعلم والتفاعل مع الغير في كنف الاحترام.

ويرتكز هذان المشروعان، المدعُومان من اليابان وهولندا، على منهج شمولي يشرك الأطفال، والمُربّين، والمجموعات، والأولياء والطاقم التعليمي، في الوقاية من التطرّف العنيف. كما أن النهوض بالتعليم العالي سوف يكون أساسيّا في إعادة بناء الدولة ونظامها الإنتاجي. وعلاوة على المسعى الاقتصادي البحت، فإن الأمر يتعلّق أيضا بمساعدة المؤسسات، مثل مكتبة الموصل الجامعية، على استرجاع سالف مكانتها كمراكز ثقافية وفكرية.

تندرج كل هذه المشاريع في منطق واحد: الحماية، وإعادة البناء والتثقيف. إن الثقافة والتربية هما الحلّان الوحيدان على المدى الطويل لمكافحة التطرّف العنيف وما يتأتى عنه من دمار. ويستجيب هذا التمشّي إلى رؤية الحكومة العراقية، إذ أنه يعود لها تفعيل هذه المبادرة محليّا، بينما تواصل اليونسكو دورها التنسيقي.

 

ستيفانيا جيانيني نائبة المدير العام للتربية، وإرنستو أوتوني راميراز نائب المدير العام للثقافة، اليونسكو.

اطلع على مبادرة الموصل