<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 07:19:32 Mar 28, 2022, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

الأزمة الصحية مرتع خِصب للتضليل الإعلامي

الشاي الأسود، أوراق "النيم"، حساء الفلفل، تلك بعض من العقاقير العجائبية التي ظهرت في أفريقيا وغيرها من الأماكن لعلاج الكوفيد ـ19، حيث انتشرت، في ظلّ هذه الأزمة الصحية، المعلومات الزائفة ونظريات المؤامرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ولمكافحة "وباء المعلومات" هذا، يتعيّن على المنصّات الرقمية تحمّل مسؤولياتها في التّصدي لانتشار الأخبار الزائفة وتنمية الدّراية الإعلامية.

ديومّا دراميه

صحفية وباحثة في المجال الصحي بالمكتب الفرنكوفوني لموقع أفريكا تشاك، الكائن مقرّه بداكار (السنغال) والمتخصّص في مكافحة المعلومات الزائفة.

 

أثار الكوفيد ـ 19، كمرض غير معروف لأشهر خلت، أزمة صحية عالمية غير مسبوقة. وإزاء هذا الفيروس الجديد، لا تزال هناك أسئلة عديدة حول مناعة الأشخاص المصابين، وموسمية الفيروس، وقدرته على التحوّل. وهي أسئلة لم تستطع العلوم، حتى الآن، البت فيها. وقد غذّى هذا الجهل بالوباء وما صحبه من عدم اليقين إزاء تطوره، سواء في إفريقيا أو غيرها من أنحاء العالم، تعطشاً إلى المعلومات، كما ساعد على انتشار الشائعات والأخبار الزائفة أو المعلومات المغلوطة، وتحوّلت شبكات التواصل الاجتماعي إلى منابر لترديد صدى هذه الشائعات والأخبار المضلّلة.

ومنذ ظهور الجائحة، يعمل المكتب الفرنكوفوني لموقع أفريكا تشاك المتخصص في مكافحة المعلومات الزائفة، والكائن مقرّه بداكار (السنغال)، على تصحيح عدد من هذه المعلومات الزائفة. هكذا نشر الموقع، بعد التثبّت لدى العديد من الأخصائيين والباحثين، ما لا يقل عن 50 مقال متّصل بالمعلومات الزائفة بشأن الكوفيد ـ 19.

في غياب علاج لهذا الوباء، انتشرت المقالات والرسائل حول عقاقير معجزة أو عجائبية. وعقب التجارب السريرية التي أجراها البروفيسور الفرنسي ددييه راوول، أخصائي الأمراض المُعدية، بشأن استخدام الكلوروكين، انتشرت، عبر الواتساب والتويتر، معلومات في بلدان كثيرة بغرب أفريقيا، تفيد بأن أوراق "النيم" (شجرة أزارديراختا إنديكا) تحتوي على الكلوروكين، وهو ما أثار، في بعض الحالات، تدافعا نحو هذه الأشجار، والحال أن مشتقات مادة الكينين ليست مستخرجة من النبات بل هي ثمرة تركيبة كيمائية. وليست أوراق "النيم" سوى مثال واحد من بين أمثلة أخرى. فالشاي الأسود، وحساء الفلفل، والفيتامين ج، والثوم، كثيرا ما تم تقديمها، في رسائل مبعوثة عِبر شبكات التواصل الاجتماعي، على أنّها وسائل لمكافحة الفيروس.

نظريات المؤامرة

 بالتوازي ما سبق ذكره، أفضى الوباء إلى نشر العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تم التلاعب بها أو إخراجها عن سياقها، وتخص، مثلا، حملات مزعومة للتلقيح الإجباري بهدف نشر الفيروس، أو حالات تمييز عنصري تستهدف رعايا صينيين. هكذا تمّ عرض مقطع فيديو يُظهر حريقا في مبنى يضم متاجر في إبادان (ولاية أويو بنيجيريا، على أنّه عمل انتقامي ضد صاحب المبنى الصيني الجنسية. غير أنّ ولاية أويو أصدرت تغريدة مفادها أنّ المبنى المحترق يملكه نيجيري وأن 80% من العاملين فيه مواطنون نيجيريون.

في محاولة لتفسير أسباب الوباء أو تفشيه، تناقل العديد من مستخدمي الإنترنت من جميع أنحاء العالم نظريات المؤامرة التي يحيكها الغرب ضد أفريقيا، مستندين في ذلك إلى تحريف حوار أنطونيو غوتيريش، الأمين العالم للأمم المتحدة، أدلى بها إلى راديو فرنسا الدولية في نهاية مارس، وقال فيها أن الوباء قد يتسبّب في ملايين الوفيات في أفريقيا. كما انتشرت أطروحة اللقاح المدعوم من مؤسسة بيل ومليندا غيتس بغرض السيطرة على السكان انتشار النار في الهشيم. وهذه المعلومات ليست خاطئة فحسب بل يتمّ بثّها لغاية الخداع والتّضليل.

وليست الشائعات والنتائج المترتبة عنها مقتصرة على الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا وحدها. ففي عام 2014، أسفرت المعلومات الزائفة عن تحركات تهدف إلى التصدّي لاستراتيجية مكافحة فيروس الإيبولا في بعض البلدان المتضررة.

وفي مقال بعنوان "الطابع الاستثنائي" لإيبولا و"التحفّظات" الشعبية في غينيا ـ كوناكري. تأمّلات على ضوء مقاربة أنثروبولوجية متناظرة"، نُشر عام 2015 في مجلة الأنثروبولوجيا والصحة، يقول سيلفان لاندري إن أولى حالات الوفاة داخل أُسْرة واحدة اعتُبرت بمثابة العلامة على عقوبة سماوية أو لعنة بسبب سرقة ما أو جريمة زنا. وقد زادت هذه الشائعات في إذكاء المعتقدات التي ترى أنّ المرض لم يكن حقيقياً، كما اتخذت المجتمعات المحلية مواقف رافضة لاستراتيجية التصدي التي وضعتها الدولة مع شركائها من أجل احتواء الوباء. وثمة شائعات أخرى تقول بأن مراكز العلاج من فيروس الإيبولا ليست سوى أماكن هُيّئت لنشر العدوى والموت، وتخفي وراءها شبكة اتجار بالجثث والأعضاء البشرية.

ملء الفراغ

وبالنسبة لفيروس كورونا، فقد أضفت شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات من نوع ماسنجر، وواتساب، فايسبوك، بُعدا غير مسبوق على المعلومات الزائفة. فهذه المنصّات تُيسّر النّفاذ إلى المعلومة، وتسمح لكل مستخدم أن ينتج بنفسه معلومات وينشرها في وقت قياسي. فمقطع الفيديو عن حريق إبادان نشر في 20 .أبريل وسجّل أكثر من 380000 مشاركة  في غضون ثلاثة أيام.

وثمة عوامل أخرى ساهمت في تداول الشائعات والمعلومات الزائفة. ففي السنغال، على سبيل المثال، لم يؤدّ تأكيد وسائط الإعلام التقليدية وتشديدها على أعداد الأشخاص المصابين ورسائل الوقاية إلى الاستجابة الكاملة إلى انتظارات المواطنين وتعطّشهم إلى أخبار أكثر إيجابية بشأن وسائل العلاج الممكنة. وتبعاً لذلك، عملت شبكات التواصل الاجتماعي على ملء هذا الفراغ.

فالمعلومات الزائفة، التي غالباً ما يتم تداولها في أوساط الجماعات أو الحلقات المتقاربة الميولات، يسهل استهلاكها واعتبارها معلومات من "مصدر موثوق". هكذا نُسبت رسائل صوتية ونصوص إلى شخصيات أو سلطات أو مسؤولين عن خدمات المستشفيات يقترحون فيها حلولاً بسيطة للحماية من قبيل شُرب الماء الساخن أو الماء المالح بانتظام لتطهير الحلق. كما عمد زعماء دينيون مزعومون إلى القيام بهذا الدّور.

ليس من السّهل دائما على المواطن العادي التمييز بين المعلومات التي توفّرها وسائط الإعلام التقليدية التي تلتزم بالدقّة في جمع المعلومات، ومعالجتها، ومطابقتها، وبين المعلومات التي يتم استهلاكها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حتى وإن بدت هذه الأخيرة، بوضوح، غير صحيحة أو مضللة. فالرغبة في التّصديق، في فترات الأزمة بالخصوص، يمكن أن تتغلب على إرادة استقاء المعلومة.  

تنمية الحس النقدي لدى المواطنين

إن سَيْل المعلومات الزّائفة على شبكات التواصل الاجتماعي، والذي أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية تسمية "وباء المعلومات"، دفع بالمنصّات الرّقمية إلى شنّ هجوم لاحتواء خطر المعلومات الزائفة سواء بوضع المضامين المستقاة من مصادر رسمية في الصّدارة وإبرازها أو بمنع الإعلانات التي تشيد بالعقاقير العجائبية. هذا، ولم يدّخر الصحفيون، المتخصصون في التثبّت من الوقائع، جهدا في تصحيح المعلومات وضمان وثوقية مصادرها ومصداقيتها، ونخصّ بالذّكر منهم صحافيي المكتب الفرنكوفوني التابع لموقع أفريكا تشاك.

ومع ذلك تظلّ هذه الإجابات غير كافية، إذ يقتضي الأمر في المستقبل، إشراك المدوّنين المؤثّرين في شبكات التواصل الاجتماعي، في هذه المعركة، واستهداف جماعات الفايسبوك والواتساب من أجل توعية المشرفين عليها ومنشطيها وتدريبهم في مجال مكافحة تدفّق المعلومات الزائفة.

ويمكن أيضا استنساخ بعض المبادرات الناجحة مثل الإذاعة الألكترونية وا أف أم ، التي أُنشئت في شهر مارس الماضي بهدف مكافحة المعلومات الزائفة عن وباء الكوفيد ـ 19 في كوت ديفوار، وهي تعتمد على شبكة تضم قرابة 200 صحفي متطوع يجوبون شوارع يوبوغون، وهو حيّ شعبي في أبيدجان، من أجل التأكد من صحة المعلومات، وتصحيح الزائفة منها المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي، وتثقيف السكان وتوعيتهم.

إنّ مكافحة المعلومات الزائفة، تقتضي استخدام القنوات التي تنشرها وتغذّيها. كما يجب إثارة الحسّ النّقدي لدى المواطنين في أفريقيا وغيرها من المناطق، تجاه المعلومات التي تصلهم، وحثّهم على التثبّت من صحّة مصادرها، وهويّة الأطراف الصادرة عنهم لأنّه في غياب هذه الدراية الإعلامية، سيظلّ المستقبل زاهرا أمام نظريات المؤامرة أو المعلومات الزائفة بشأن المزايا العلاجية المزعومة للثوم أو الماء المالح.

 

تعرّفوا على الأعمال التي أنجزتها اليونسكو لمجابهة تدفّق الشائعات والأخبار الزّائفة المنشورة على الإنترنت وشبكات التّواصل الاجتماعي أثناء الأزمة الصحيّة. 

قراءات تكميلية

تطهير وسائل الإعلام من التلوث، رسالة اليونسكو، تموز/ يوليوـ أيلول/ سبتمبر 2017

تنمية الفكر النقدي ضد الأخبار الزائفة، رسالة اليونسكو، تموز/ يوليوـ أيلول/ سبتمبر 2017

تحقيق الدراية الإعلامية والمعلوماتية في اليونسكو، مبادرة من الأمم المتحدة ترمي إلى إتاحة مضامين موثوقة في ظل وباء كوفيد ـ 19

 

اشترك في رسالة اليونسكو لمتابعة الأحداث. الاشتراك في النسخة الرقمية مجاناً بالكامل.

تابع رسالة اليونسكو على: تويتر، فيسبوك، انستغرام