لبيروت: لمحة عن المبادرات التي قادتها اليونسكو للحفاظ على تراث لبنان وثقافته، بعد مضيّ عام على انفجار مرفأ بيروت
في ظل الأزمات، غالبًا ما تُغفَل الثقافة في المساعدات الإنسانية. لكنّ الثقافة هي جوهر المجتمع قلبًا وقالبًا، وركيزة للتماسك الاجتماعي، ومخزن للقيم المشتركة التي تعزز العمل الجماعي والتعافي. وينطبق ذلك بشكل خاص على العاصمة اللبنانية، وهي مدينة متوسطية تتمتع بثقافة نابضة بالحياة يغنيها تنوُّع المجتمعات المحلية المقيمة في البلاد وتعدُّد التأثيرات الثقافية.
وبناءً على هذا الأساس المنطقي، تحشد اليونسكو المجتمع الدولي عن طريق مبادرة لبيروت التي أطلقتها بعد انفجار مرفأ بيروت مباشرة لدعم إعادة تأهيل المدارس والمباني التراثية والمتاحف وصالات العرض والاقتصاد الإبداعي. ولا يقتصر عمل اليونسكو وشركاؤها على إنقاذ التراث المبني والحرص على إبقاء ذكرى بيروت في الحفظ والصون فحسب، بل يشمل أيضًا المساهمة في تعزيز حماية بيروت وإدارة التراث الحضري المتضرر ودعم الإبداع لإنعاش الحياة الثقافية في العاصمة اللبنانية.
حشد الشركاء وتنسيق الدعم
تدعم مبادرة لبيروت، بالتعاون مع الشركاء اللبنانيين، بما في ذلك المديرية العامة للآثار والمنظمات غير الحكومية والخبراء،المتاحفَ وصالاتِ العرض والفنانين والحرفيّين الذين كانوا يعانون – حتى قبل انفجار المرفأ – من آثار جائحة كوفيد-19 وأزمات اجتماعية واقتصادية شديدة. وتنسّق اليونسكو دورات تدريبية وأنشطة لبناء القدرات الفنية، كما أنّها، بفضل شبكة شركائها الواسعة التي تشمل الألكسو والتحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ألف) والمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي واللجنة الدولية للدرع الأزرق والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية والمجلس الدولي للمتاحف (ICOM) والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) والإيسيسكو والاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات والصندوق العالمي للآثار والتراث، توفّر المساعدة لقطاع الثقافة. ينبغي أن يعمل المجتمع الدولي جنبًا إلى جنب مع السلطات اللبنانية والشعب اللبناني. واليونسكو تدأب لتنسيق المساعدات لضمان وصولها إلى مَنْ يحتاجها وتجنُّب الازدواجية والتكرار في العمل. وقد أُعِدَّت خارطة طريق دولية مشتركة بتنسيق اليونسكو لمساعدة بيروت على التعافي من خلال الثقافة. وتحدد خارطة الطريق هذه الأهداف القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل وتتضمن 15 إجراءً للتدخلات الفورية الطارئة لإصلاح التراث المبني والمتاحف والمستودعات وإعادة تأهيلها، ودعم الفنانين والحرفيين، والحفاظ على التراث الثقافي غير الملموس.
إنقاذ التراث المبني وذاكرة بيروت
شارك كل من اليونسكو وجمعيةُ إبساد واللجنةُ الدولية للدرع الأزرق واللجنةُ اللبنانية للدرع الأزرق والمركزُ الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية وخريجو مركز الترميم في الجامعة اللبنانية والمجلسُ الدولي للمعالم والمواقع المديريةَ العامةَ للآثارِ في تقييم الأضرار التي لحقت المباني التاريخية وجَرْدِها، ما ساعد في تحديد 640 مبنى تاريخيًا يحتاج إلى تدخلات عاجلة من أصل 8,000 مبنى تأثر من الانفجار.
وبفضل صندوق حماية التراث في حالات الطوارئ، كانت اليونسكو من الأوائل الذين بدؤوا أعمال الترميم، فقد ساهمت في تثبيت مبنيين، أحدهما فيلّا بستاني المشهورة، وهي عبارة مبنى سكني أرستقراطي تم تحويله إلى معرض فني. هذا وأتاحت المساهمة الألمانية السخية لليونسكو تثبيت ودعم 12 مبنى تاريخيًا إضافيًا.