<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 15:34:57 Sep 27, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

فرصة لإعادة ابتكار المدرسة 

cou_03_20_luthra_website.jpg

نيلّي، 7 سنوات، تدرس في البيت على لوحتها الرقمية (أبيدجان، كوت ديفوار). وقد بثّت، أيضا، التلفزة الوطنية لبلادها دروسا من إنتاج اليونيسيف ووزارة التربية.

 

أفضت الأزمة الصحية إلى انقطاع ما يقارب المليار والنصف طالب عن المدرسة أو الجامعة، أي 90% من التلاميذ والطلاب على الصعيد العالمي (المصدر: اليونسكو). وبين عشية وضحاها، اضطرّت المؤسسات التعليمية إلى التحوّل إلى التعليم عن بُعد، ممّا أوجب تصوّر مناهج تعليمية جديدة.

بورنيما لوثرا

مربّية بمدرسة التجارة بكوبنهاغن، عضو مؤسّس لمنظمة التدريب والاستشارات "تلانت آد" والخبيرة الاستشارية الرئيسية لها. مقرّ المنظمة، كوبنهاغن (الدنمارك)

 

لقد أحدثت الأزمة الصحية، التي أجبرت أكثر من ثلث سكان العالم على الانعزال جراء جائحة كوفيد ـ 19، اضطرابات غير مسبوقة في قطاع التربية والتعليم. فقد اضطرت جميع المؤسسات التربوية، بدءا من رياض الأطفال إلى الجامعات في جميع أنحاء العالم، إلى إغلاق أبوابها، مما دفع بالمربّين إلى البحث عن مناهج تعليمية بديلة. وقد يترك هذا الوضع بصمته الدائمة.

تقول آمي فالينتين، المديرة التنفيذية لمنظمة مستقبل المدرسة، وهي مؤسسة خيرية عمومية أمريكية توفر الدعم للنماذج التعليمية المبتكرة: "سنظلّ نشعر بتأثيرات كوفيد ـ 19 على الطّلاّب على الصعيد العالمي إلى حين يتوفّر، على الأقل، لقاح للجميع"، وتضيف: "إن الطريقة التي تعاملت بها الأنظمة والقطاعات التعليمية مع الأزمة سيكون لها تأثير على الطلاب عند انتقالهم إلى الفصول الموالية، سواء كانوا مستعدين لذلك أم غير مستعدين".

إنّ ما يثير القلق، بصفة خاصة، هو تأثير هذه الأزمة على الصحة النفسية للتلاميذ الذين انقطعوا عن علاقات التبادل والعادات المدرسية. وحتى أجيال زِد (z) (المولودة بين عامي 1996 و2015) وأجيال ألفا (alpha) (المولودة بعد عام 2015)، المتشبّعة بالتكنولوجيات، لفي حاجة حيوية إلى التفاعلات الاجتماعية والخبرات الجسدية بعيداً عن الأجهزة التي تمتلكها. ولعلّ ذلك هو التّحدّي الأكبر الذي تعيّن على المعلّمين رفعه عبر المنصات الإلكترونية. يقول أحد مدرّسي المرحلة الثانوية بسنغافورة: "إنّ الاتصال البشري مهمّ في مجال التعليم، ولاسيّما لدى المراهقين، فالتلاميذ يفضّلون، عموما، الذهاب إلى المدرسة ليشعروا بأنهم أعضاء من مجتمع تُبنى فيه تعلّماتهم وتتهيكل".

وبالنظر إلى مقتضيات التباعد الجسدي، سوف يستوجب الأمر بعض الوقت قبل أن تعود التفاعلات الاجتماعية إلى مستواها السابق للجائحة. وقد يستمرّ تأثير هذا الوباء على الأجيال الحالية من التلاميذ والطلاب لسنوات طويلة أخرى. تقول ساريتا سومايا، مُدرِّسة المرحلة الابتدائية بمدرسة دولية بسنغافورة: "عندما تعود الحياة المدرسية إلى وضعها الطبيعي، يتعيّن على المدرّسين القيام بمهام صعبة من قبيل التّعويض عن التأخير، وتلافي النّواقص، وتوفير دعم اجتماعي وعاطفي أكبر للتلاميذ المحتاجين".

وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ العديد من الأطفال عِبر العالم يجدون في المدرسة الوجبة الغذائية الغنيّة الوحيدة في اليوم. وقد اضطرّهم إغلاق المؤسسات المدرسية إلى البحث عن بدائل أخرى، غالباً دون جدوى. تقول غاياثري تيرثابورا، المؤسِّس المشارك ومديرة منظمة تيجاسفيتا تروست  (مقرها ببنغالور وتوفر التعليم للمجتمعات المحلية المحرومة في جنوب الهند): "تجد الأُسَر صعوبة في توفير ثلاث وجبات غذائية يومياً، وتعتمد في ذلك على الجهات المانحة من الخواص وبرامج الإغاثة التي أعلنتها الحكومة".

شهاداتٌ تُسلَّم إلى الرّوبوتات

إن أحد الدّروس المستفادة من الأزمة هو القدرة التي أبدتها المؤسسات التعليمية، في جميع أنحاء العالم، على إيجاد طرق إبداعية ومبتكرة لرفع التحدّي الذي طرحه وباء كوفيد -19 - رغم سياق غاية في الصعوبة، ومن بين هذه الطرق منح شهادات لروبوتات تحل محلّ الطلاب في اليابان، أو استخدام قبعات التباعد الاجتماعي في الصين. كما أبدى المربّون ملكات إبداعية في استنباط مضامين تتيح لهم تقديم الدّروس على نحو جذّاب على جميع المنصّات الرقمية المتاحة.

وللتّعويض عن غياب التّفاعل الاجتماعي، استنبطت بعض المدارس أنشطة تقوم على مواضيع محدّدة سعيا منها إلى تشريك التلاميذ، مثل خروج تلاميذ الفصل في نزهة افتراضية لتناول الغداء جماعيا وسط الطبيعة. أمّا في المناطق الريفية، فقد اقتضى الأمر ابتكار وسائل مختلفة لضمان مشاركة التلاميذ، تمثلت أساسا في الرّسائل النّصيّة على الأجهزة المحمولة التي يمتلكها الأهالي أو عبر الاتصالات الهاتفية. وفي الحالات التي لا يمكن فيها للأطفال مجرّد الحصول على أقلام في منازلهم ـ ناهيك عن الحواسيب ـ كان على المربّين استنباط طرق جديدة في التدريس.

وفي بلدان كالولايات المتحدة، ونيوزيلاندا، والمملكة المتحدة، بُذلت جهود كبيرة من أجل تزويد الأطفال المحرومين بحواسيب محمولة أو ألواح رقمية أو نقاط اتصال محمولة (هوت سبوت). وفي الهند، يفسّر فريق من غوروشالا، وهي بوابة تعليم توفر تدريباً رقمياً للمدرّسين ومضامين للتلاميذ، أن "الحصول على التعليم لم يكن أبداً بالأمر الهيّن بالنسبة لأطفال الهند المنتمين إلى الجماعات المحرومة لكن مع تزايد استخدام الهواتف المحمولة والإنترنت يوماً بعد يوم، أصبحت التكنولوجيا نقطة مضيئة في تلك الأوساط". 

هل هي نهاية الأنشطة الجماعية؟

ما هي تبعات الأزمة الصحية على التعليم على المدى، الطويل؟ هكذا تتساءل تارين هانسين، المعلمة في مدينة برث بولاية استراليا الغربية، حيث أعادت المدارس فتح أبوابها في نهاية أبريل: "اتّخذت صفوف المرحلة الابتدائية طابعاً إكلينيكياً إذ حُجِّر تقاسم الأشياء بين التلاميذ، واستخدام الموارد المشتركة، والعمل بطريقة المجموعات حيث يلتفّ التلاميذ بحماس حول تجربة علمية. فهل هي نهاية العمل الجماعي والورشات بالتناوب؟ هل سنعود إلى قاعات الدرس حيث يقف المدرّس جنب السبورة قبالة تلاميذ جالسين أمامه طوال اليوم؟"

ويذهب سانكالب شاتورفيدي، الأستاذ المشارك في مدرسة أمبريال كوليدج للأعمال بلندن، إلى أن "التعليم العالي في قاعات الدرس سيتواصل، على أنّ الناس سيجدون سهولة أكبر في التناوب على التدريب عبر الإنترنت، وهو أمر لم يكن بديهيا قبل الحجر الصحّي".

ويتوقع ساندي ماكنزي، مدير مدرسة كوبنهاجن الدولية أنّه: "من المحتمل أن يفضي وباء الكوفيد إلى دفع الأمور في الاتجاه الصحيح"، وقد يؤدّي ذلك إلى "تخلص المدارس من الطرق التي عفّى عليها الدّهر، واستخدام التكنولوجيا استخداماً فعالاً، وتطوير المعلمين للمهارات التي تحتاجها الأجيال الجديدة في العقود القادمة". 

الحدّ من اللاّمساواة في التعليم

يقتضي اللجوء إلى الوسائل الرقمية النّفاذ إلى هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، غير أن الجائحة سلّطت الضّوء على أوجه التّفاوت من حيث جودة التعليم وإمكانية الحصول عليه في جميع أنحاء العالم، ومدى اتّساع الفجوة الرّقمية، بما في ذلك في البلدان المتقدّمة. ونظرا لأنّ 60% فقط من سكان العالم يمتلكون الإنترنت قبل تفشّي الوباء، كان على الحكومات، والناشرين، ومزوّدي التكنولوجيا، ومشغّلي الشبكات، أن يعملوا معاً ليتيحوا للمدرسين توفير تعليم عبر الإنترنت لأكبر عدد ممكن من التلاميذ.

ومن بين هذه البرنامج برنامج جواز إلى التعلّم، وهو عبارة عن منصّة رقميّة للتّعلم عن بُعد قامت بإعدادها، في الأصل، منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) بالاشتراك مع شركة ميكروسوفت لفائدة الأطفال النازحين واللاجئين. هذا المشروع المقرّر إطلاقه في 2020، والذي بدأ اختباره مع الأطفال في كوسوفو، وتيمور-ليشتي، وأوكرانيا، سرعان ما تمّ تعميمه على مدارس العالم بأسره التي تم إغلاقها. وحاليا، يمكن لجميع البلدان، التي تتوافر لها مناهج دراسية قابلة للتدريس عبر الإنترنت، أن تنفذ إلى محتويات البرنامج من كتب مدرسية وتسجيلات فيديو على النات، مرفقة بدعم إضافي لأولياء الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلّم.

ومن أجل بلوغ الهدف 4 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة في السنوات العشر المقبلة، نأمل زيادة تعاون المؤسسات العامة والخاصة معنا لتصبح النظم التعليمية أكثر قدرة على التكيّف، وأكثر شمولاً وإنصافاً للجميع.

إعادة التّفكير في دور المربّي

فرض تطوّر التّعلم عن بُعد على المدرّسين إعادة التّفكير بطريقة إبداعية في مضامين المناهج الدراسية، والبحث عن أفضل طرق التعليم عبر الإنترنت، مع تقديم قيمة مضافة إلى البرامج المدرّسة.

كما بيّنت هذه التّجربة وجود طاقات قادرة على إضفاء المرونة على طريقة التعليم ـ باستنباط بدائل للهياكل والصيغ التّعليمية التقليدية-. وقد لاحظ المدرّسون والأولياء أن بعضاً من تلاميذهم أو أطفالهم قادرون على التّأقلم جيّدا مع هذا السّياق الجديد. ويمكن تصوّر صيغٍ أكثر تطوراً للتعلم عن بُعد، أو الاهتداء إلى خيارات مختلطة للتلاميذ الذين يفضِّلون مثل هذه الطريقة التعليمية.

ولئن جعلت هذه الأزمة الصحية من الرّقمنة موضوع السّاعة، فقد أبرزت أيضاً ضرورة إعادة التّفكير في المناهج التعليمية لفائدة أجيال المستقبل. وتتغذّى عملية التّفكير هذه من الأبحاث الأخيرة الصّادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي (ومنظمات أخرى) بشأن المهارات المطلوب توفيرها للقوى العاملة في المستقبل، إذ ينبغي تزويد هذه الأخيرة بمهارات معرفيّة على أرفع مستوى، من روح المبادرة، والقدرة على الإبداع والابتكار، فضلاً عن المهارات في مجال الذّكاء الاجتماعي والعاطفي، مثل القدرة على الصّمود، والتكيّف، والتّحلّي بعقلية التّطوير والتّنمية.

إنّ قطاع التعليم سيحتاج إلى التّركيز على تطوير هذه المهارات ليكون قادرا على مواجهة عدد من التّحديات العالمية الأكثر إلحاحًا في المستقبل.

وأخيرا، فإنّ هذه الجائحة تشكّل منعطفاً في تاريخ البشرية. وقد آن الأوان لإعادة التفكير بعمق في التعليم الموجّه إلى أجيال المستقبل في عالم ما بعد كوفيد. وهو ما يتطلب بذل جهود جماعية من قِبل جميع الأطراف المعنية من أجل التفكير الجدّي والواعي في هذه القضايا، واتخاذ ما يلزم من تدابير لمعالجتها. 

 

اكتشف التحالف العالمي للتعليم، شراكة متعّددة القطاعات أطلقتها منظمة اليونسكو لتوفير تعليم عن بُعد يتناسب مع خصوصيات المتعلّمين أثناء الأزمة الصحيّة.

____________________________

قراءات تكميلية

المعلّمون يغيّرون العالم، رسالة اليونسكو، أكتوبر- ديسمبر 2019 

النّجدة لمعلّمي اللاّجئين، رسالة اليونسكو، أكتوبر- ديسمبر 2018

حياة جديدة بفضل الهاتف الجوّال، رسالة اليونسكو، أكتوبر- ديسمبر 2018

 

اشترك في رسالة اليونسكو لمتابعة الأحداث. الاشتراك في النسخة الرقمية مجاني 100%.

تابع رسالة اليونسكو على تويتر، فايسبوك، أنستغرام