<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 17:35:17 Dec 18, 2022, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

Editorial

افتتاحية

cou_03_21_editorial_web.jpg

في أراضي ساوري موييبو الأصلية شمال البرازيل، يؤمّن شعب موندوروكو الحفاظ على 178000 هكتار من الغابة الأمازونية.

تبدو الدراسات العلمية محكومة، لسنوات متتالية، بتدوين تاريخ الانقراض الجماعي السادس الكبير أي انقراض الكائنات الحية، وفقدان الأجناس، والإفراط في استغلال الموارد، وتدهور البيئات الطبيعية. كما تشهد النّظم الإيكولوجية، التي توفّر الخدمات الضرورية لوجودنا، تراجعا بمعدّلات لم يسبق له مثيل على خلفية الأزمة المناخية.

ومع ذلك فإنّ الوقت لم يفت للتصدّي لهذه الظّاهرة. فتدابير الحفظ المتّخذة على المدى الطويل قادرة على وقف تدهور بعض الأنواع المهدّدة بالانقراض. كما أن المناطق المحمية، التي تمتدّ اليوم على %17 من سطح الأرض، تشكل حاجزا أمام الزّحف الحضري والزّراعي في انتظار بلوغها %30 كهدف مرسوم لعام 2030. بيد أن الذي يظلّ مطلوبا مواءمته بنسبة %100 مع فكرة إنقاذ المحيط الحيوي هي البشرية ذاتها.

في هذا الصّدد، فإنّ معارف الشعوب الأصلية ـ بأبعادها الأسطورية والكوسمولوجية ـ القائمة على تعايش أكثر انسجاماً مع الطبيعة، باستطاعتها أن تُلهم ممارساتٍ أكثر احتراماً للتنوّع البيولوجي، لأنه لئن كان تقاسم البيانات العلمية أمراً أساسياً والقيام بإنجازات سياسية واسعة النطاق يفرضان نفسيهما، فإن التّغيير يمرّ أيضاً، وربما أوّلا، عبر الوعي بالرّوابط العميقة والمتعدّدة التي تشدّنا إلى طبيعةٍ اعتُبرت، لزمن طويل، مناقضة للثّقافة.

لقد آن الأوان للتّساؤل عن المفهوم النّفعي الموروث عن ديكارت والذي يعتبر الإنسان "سيّداً للطّبيعة ومالكاً لها". فالإعلان العالمي لليونسكو بشأن التنوّع الثقافي ينصّ على أن "التنوّع الثقافي ضروري للجنس البشري ضرورة التنوّع البيولوجي بالنسبة للكائنات الحية". وتسعى المنظمة جاهدةً، منذ إنشائها، إلى تعزيز التّوافق بين البشر وبيئته سواء من خلال أنشطتها لصالح التراث العالمي أو بفضل برنامجها المتعلّق بالإنسان والمحيط الحيوي والذي يُحتفل هذا العام بالذكرى الخمسين لإنشائه.

إن هذا العدد من الرسالة هو دعوة لإذكاء الوعي من أجل أن نعيد إلى الطبيعة سحرها، وأن نتصالح معها، وننفتح على طُرق أخرى للعيش، ونتأمل روعتها. وهو أيضا نداء للانخراط في بيئتنا، والتعرّف على أنفسنا ككائنات حيّة من بين كائنات أخرى. وهو جهد يرمي إلى دحض مقولة عالِم المستحاثات، الفرنسي باسكال بيك، والتي مفادها: "إن الإنسان ليس بالحيوان الوحيد الذي يفكّر، بل هو الحيوان الوحيد الذي يعتقد أنّه ليس حيواناً".

أنياس باردون