<
 
 
 
 
×
>
You are viewing an archived web page, collected at the request of United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) using Archive-It. This page was captured on 02:23:53 Sep 27, 2020, and is part of the UNESCO collection. The information on this web page may be out of date. See All versions of this archived page.
Loading media information hide

بناء السلام في عقول الرجال والنساء

زاوية كبرى

قِصص وطرائف من أمريكا اللاتينية على راديو أمبولانتي

cou_01_20_radio_ambulante_website.jpg

«لنجعل من هذه الإذاعة شيئا معتبرا» هو عنوان مجموعة من الرسوم للفنانة الأرجنتينية ماريا لوكي، تم بثها على إنترنت بمناسبة مرور سبع سنوات على بعث الإذاعة.

مرشد روحيّ كولومبي متهم بالتغرير بعشرات النساء، أو كاتبة كوبية تستحضر طفولتها في هافانا، أو أحد هواة الفلك نجح في التقاط صورة انفجار نجمة من سطح منزله في روساريو بالأرجنتين: ثلاث نماذج متنوعة من القصص التي تقدمها راديو أمبولانتي (الإذاعة المُتنقّلة) التي تبث برامجها على إنترنت باللغة الإسبانية. كارولينا غِريرو، من مؤسسي هذه الإذاعة، تشرح أهداف هذا النوع الجديد من المحطات الإذاعية.

حوار مع كارولينا غيريرو، أجرته لوسيا إغليسياس كونتز (اليونسكو)

 

كيف خطرت على بالك فكرة راديو أمبولانتي (الإذاعة المُتنقّلة)؟

قبل عشر سنوات، كنت ودانييل ألاركون نعيش في سان فرانسيسكو. هو كاتب وأنا صحفية، وهو بيروفيّ وأنا كولومبية. عاش كلّ منا قصة هجرة مختلفة، لكن لدينا نفس التعلّق بأمريكا اللاتينية، ونفس الولع بثقافتنا الأصلية وثقافة أهلنا، فضلاً عن شغفنا باللغة الإسبانية. وكثيراً ما كنا نتناقش حول نوع من البرامج الإذاعية الطويلة التي يروي فيها الأحداث أبطال القصص ذاتهم، وهو نوع سائد في إذاعات القطاع العام في الولايات المتحدة. وقد كنا معجبين بهذا النوع بقدر ما كنا آسفين لعدم وجود برنامج مماثل يُذاع بلغتنا. ولما كان محتوى البرامج التي تُبث بالإسبانية في الولايات المتحدة غير جيد، كنا نتجه في النهاية نحو وسائل الإعلام والمضامين المعتمدة على اللغة الإنجليزية. وبما أن أمريكا اللاتينية قارة حافلة بالقصص والقصّاصين، رأينا أنه ينبغي إيجاد برامج من هذا النوع في لغتنا... وقررنا إنتاجها بأنفسنا.

حينها، فكّرتما في جمهور المستمعين اللاتينيين، أي المهاجرين الناطقين بالإسبانية المقيمين في الولايات المتحدة؟

عندما هاجرت إلى الولايات المتحدة منذ أكثر من عشرين عاماً، توقفت عن أعتبار نفسي كولومبية، إذا صح التعبير، وأصبحت لاتينية أمريكية. وانخفض عدد أصدقائي الكولومبيين، ليصبح لدي أصدقاء من كل مكان: من الشيلي والأرجنتين وفنزويلا وبورتو ريكو... فضلاً عن اللاتينيين المولودين هنا. لقد انفتح أمامي أفق جديد لأن هذه الانطلاقة الثقافية التي وجدتها في الولايات المتحدة جعلتني أدرك، خلافا لما كنت أظن، أني لم أكن أعرف أمريكا اللاتينية حق المعرفة. ومن ثمّ فكرة إنتاج مضامين لا تستهدف جمهور المهاجرين فحسب.

ومنذ البداية، أردنا أن تتسم قصصنا بطابع عالمي وأن يتماهى الجميع معها بطريقة أو بأخرى، وألّا يطغى عليها لا الطابع الإعلامي ولا الطابع المحلي... كما أردناها مسلية بما فيه الكفاية حتى تثير قصة من الشيلي اهتمام مستمع يقطن في حيّ برونكس، في نيويورك، أو يتابع شخص في كولومبيا قصة من غواتيمالا.

لماذا فضّلتم البث الصوتي الرقمي بدلاً من البث على الموجات الإذاعية؟

عندما انطلقنا في المشروع، كنا من جمهور المستمعين، ولم يكن لدينا أدنى فكرة عن طريقة تشغيل هذه الصناعة. وبدأنا في البحث عن أموال لمشروعنا هنا في الولايات المتحدة، وأدركنا أنه لا يوجد مجال لبعث محطة على الموجات الإذاعية وأنه ليس هناك من سيتيح لنا إمكانية إنشائها. وسرعان ما أدركنا أن التكنولوجيا الرقمية هي تكنولوجيا المستقبل، وأنه إذا أرادت راديو أمبولانتي وجود جمهور من المستمعين، فسوف يتحقق ذلك بوصفها وسيلة إعلام رقمية.

ما هي العلاقة التي تَربطكم بالمستمعين؟

في زمننا الراهن، من المستحيل تجاهل الجمهور. وما يتيحه لنا العالم الرقمي من تفاعل مستمر مع المستمعين قد لا يكون من اليسير تحقيقه على الموجات الإذاعية. وبالفعل، جمهورنا متكون من مجموعة من المستمعين الذين ينصتون إلينا، ويتحدثون عنا مع أصدقائهم ويعلقون على برامجنا بصفة إيجابية أو سلبية. كما أن هؤلاء المستمعين يشعرون بأن لديهم سلطة، فلا يترددون في مطالبتنا ببعض الأمور، والإشارة أحياناً إلى بعض الأخطاء...  تربطنا بهم علاقة مباشرة.

ومنذ ثلاث سنوات تقريبا، نبذل أقصى جهدنا من أجل تعزيز الروابط مع الجمهور، من خلال فتح قنوات أخرى للاتصال مثل مجموعة «واتس آب» الموجهة للمستمعين الأكثر حماساً، والشروع في تقوية الاتصال المباشر مع المستمعين. كما أطلقنا مؤخراً «نوادي للاستماع» حيث يلتقي أشخاص لسماع قصة من قصصنا ثم التعليق عليها، على غرار نوادي المطالعة. 

ما هو النموذج الاقتصادي الذي تتبعونه؟ وما هي مصادر تمويلكم؟

راديو أمبولانتي مشروع مكلّف. فريقنا متكوّن من حوالي عشرين شخصاً. هم لا يقومون بإنتاج برامج إخبارية ولا مقالات. جميعهم مكرسون لإصدار ثلاثين حلقة سنوياً. وإن كان هذا العدد قليلا، إلا أنها مشاريع طويلة المدى وتتطلب عملا تحريريا ضخما وقدرا كبيرا من الدقة. من حيث مصادر التمويل، نتلقى دعماً من بعض المؤسسات، وقمنا منذ ثلاثة أعوام، بتوقيع عقد توزيع حصري مع الإذاعة الوطنية العمومية في الولايات المتحدة وهي التي تقوم بتوزيع برامجنا في صيغتها الإلكترونية وتدفع لنا مقابلا ماليا. كما نقوم كل سنة بتنظيم فعاليات بالبث المباشر على المواقع المسرحية، ونعرض على الأشخاص الذين يرغبون في مساعدتنا على نحو منتظم إمكانية الانضمام لبرنامج دعم.

وقد شرعنا مؤخراً في إنتاج مواد مشتقة من مضامين برامجنا لإكسابها قيمة مضافة، على أن تكون هذه المواد غير مكلفة وأن تتيح لنا تسويق فهرس منتجاتنا. وفي هذا الصدد، نفكر حالياً في مصدرين لتحقيق مداخيل إضافية، يستندان إلى 150 قصة من إنتاجاتنا. وقمنا بإطلاق الفكرة الأولى التي تحمل عنوان لوبا وتتمثل في تطبيق يستند إلى برامجنا ويتيح للأشخاص ذوي المستوى المتوسط أو المتقدم في اللغة الإسبانية تحسين معرفتهم باللغة، عِلماً بأن شريحة مهمة من جمهورنا تتألف من طلبة يدرسون اللغة الإسبانية وتنطبق عليهم هذه المواصفات، ولاسيما في الولايات المتحدة وكندا. ونحن متحمسون كثيرا لهذا المشروع.

أما الفكرة الثانية فتتمثل في تحويل القِصص إلى أفلام سينمائية أو إلى مسلسلات… وهي تندرج في مشاريعنا على المدى الطويل. ونحن متيقنون أن إحدى انتاجاتنا القصصية سوف تتحول يوما ما إلى شريط روائي يجلب لنا عائدات مالية..

كيف يتم انتقاء القصص؟

ما يهمنا هي الشخصيات، أكثر من المواضيع. والعنصر الأساسي هو أن تتضمن هذه القصص قوساً سردياً يتألف من بداية ونهاية. وبما أننا حاضرون في أماكن مختلفة من العالم، لاسيما في مدن بالولايات المتحدة وبلدان أمريكا اللاتينية (نيويورك وكوستا ريكا وغواتيمالا والمكسيك وكولومبيا ولندن وبورتو ريكو ...)، فإننا نتلقى قصصاً طوال السنة.

على سبيل المثال، نحن على علم بأن قصص مهربي المخدرات تجلب جمهورا واسعا، لكن هناك أطراف أخرى تقوم بإنتاجها، أما نحن فليس لدينا رغبة في إضفاء طابع إنساني على الأشرار. ونعتقد أن هناك قصصاً أخرى تستحق الترويج. ويميل المستمعون إلى القصص التي تُحكى بعناية، وتتألف من فصول عديدة وأصوات متعددة، وتثير فيهم الأحلام، وتُذكّرهم بطفولتهم وتسلط الضوء على الطموحات والجهود. ونجد في وسائل الإعلام كل يوم البعض من العناصر الواردة في قصصنا، لكن أسلوبنا يتميز بالتأني في السرد والدخول عمدا في التفاصيل، وهذا ما ينال إعجاب الجمهور. ويقدر متوسط مدة إنتاج كل قصة بستة أشهر.

سؤال أخير كان يمكن أن يطرح منذ البداية: لماذا اخترتم لإذاعتكم إسم أمبولانتي (المُتنقّلة)؟

العثور على هذا الإسم أخذ منا وقتا طويلا وأتعبنا كثيرا! فيه إشارة إلى الباعة المتجولين في مدن أمريكا اللاتينية الذين يُطلق عليهم ببساطة اسم أمبولانتيس. هم متواجدون في كل مكان وهم أشخاص يتسمون بشجاعة فائقة وبقدرة كبيرة على التكيّف، يجوبون المدن وكل رقعة في الفضاء العام سيراً على الأقدام... ورأينا أن هذه الصورة تعكس وضعنا بصفة جيدة. أما شعارنا، الذي يتمثل في شخص يحمل مذياعاً، فنحن معجبين به كل الإعجاب. 

 

اطلع على مقالات أخرى نشرتها رسالة اليونسكو حول الإذاعة.